وأمّا الثاني ، فلمنع الحجية.
وأمّا الثالث ، فلأنه مبني على عدم جريان الأصل في شرائط العبادة ، وهو عندنا غير صحيح.
والظاهر اختصاص التحريم والإبطال بكونه بعد قراءة الفاتحة دون أثناء الصلاة مطلقا ، وفاقا لظاهر نهاية الشيخ والفقيه والشرائع والنافع والقواعد (١) ، للأصل ، واختصاص الروايات.
خلافا في الأول للمحكي عن الإسكافي والأردبيلي ، فكرهاه (٢) ، ومال إليه في المعتبر (٣) ، واحتمله في المدارك (٤) ، لصحيحة جميل : عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب : آمين ، قال : « ما أحسنها واخفض الصوت بها » (٥).
بجعل « ما » نافية ، ومدخولها فعل متكلّم ، « وأخفض » فعل ماض وكلاما للراوي ، والضمير المجرور لكلمة ما أحسنها ، حيث إنّ مثل ذلك القول لا يستعمل ظاهرا إلاّ فيما يكون جائزا ومرجوحا فيدل على الكراهة.
أو بجعل « ما » استفهامية إنكارية ، والبواقي كما ذكر بالتقريب المتقدم.
أو بجعلها تعجبية ، ومدخولها فعل تعجب ، « واخفض » فعل أمر وكلاما للمعصوم أمر به للتخضع المطلوب في الدعاء سيّما طلب الإجابة ، فيدلّ على الاستحباب ، ويعارض ما دلّ على الترك ، ويتردّد بين الحرمة والاستحباب ، ولا شكّ أنّ الاحتياط في مثله الترك فيكون مكروها.
وبهذا التقريب ، أو لضعف روايات المنع ، أو اشتهار استعمال الأمر في
__________________
(١) النهاية : ٧٧ ، الفقيه ١ : ٢٥٥ ، الشرائع ١ : ٨٣ ، المختصر النافع : ٣١ ، القواعد ١ : ٣٣.
(٢) حكاه عن الإسكافي في الدروس ١ : ١٧٤ ، الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٢٣٥.
(٣) المعتبر ٢ : ١٨٦.
(٤) المدارك ٣ : ٣٧٤.
(٥) التهذيب ٢ : ٧٥ ـ ٢٧٧ ، الاستبصار ١ : ٣١٨ ـ ١١٨٧ ، الوسائل ٦ : ٦٨ أبواب القراءة ب ١٧ ح ٥.