وأمّا عن رواية الحضرمي : بكونها أعمّ مطلقا ممّا مرّ ، لدلالتها على أنّه لا صلاة لمن لم يسبّح سواء ذكر ذكرا آخر أم لا ، ودلالة ما مرّ على صحّة صلاة الذاكر.
ولو جعل التعارض بالعموم من وجه باعتبار شمول الذكر للتسبيح أيضا ، تعيّن تخصيص قوله « من لم يسبّح » بغير الذاكر ، لعدم إمكان تخصيص الذاكر بالمسبّح ، لوقوع السؤال عن غير المسبّح. مضافا إلى ترجيح ما مرّ بالصحّة والأكثريّة والأصرحيّة.
بل ظاهر سوق الرواية نفي الفضيلة ، لمقابلة عدم التسبيح مع نقص الواحدة والثنتين وانتفاء (١) كلّ الصلاة بانتفاء ثلثها وثلثيها مع أنّهما في الفضيلة قطعا ، فإنّ المراد نقص ثلث الكمال وثلثيه ، فالمراد بعدم الصلاة أيضا انتفاء تمام الكمال وبقاء ماهيّة الصلاة ، فتأمّل.
وعن الروايات : بأنّ إجزاء التسبيح الواحد أعمّ من الأمر به ، ولا ينافي إجزاء غيره أيضا ، نعم لا يحكم به مع عدم دليل ، للأصل ، ومعه لا أثر للأصل. والحكم بلزومه وظهوره في عدم إجزاء غيره ممنوع جدّا ، سيّما مع ورود الإجزاء غالبا في السؤال.
وأمّا عن رواية هشام : فبأنّ الأصل في الأمر ولفظ الواجب وإن كان المعيّن وكان في المخيّر مجازا ، إلاّ أنّه يجب الحمل عليه مع القرينة ، وما ذكرنا من الأخبار قرينة عليه.
مضافا إلى أنّ الظاهر أنّ المراد من قوله : « من ذلك » التسبيحة الكبرى ، وكونها واجبة معيّنة قول شاذّ تردّه الأخبار ، فلا محيص فيه عن التجوّز إمّا بالحمل على المخيّر أو الندب ، ولا أقلّ من احتمال إرادة الكبرى فلا يتمّ الاستدلال.
ومنهم من عيّن ثلاث تسبيحات ، أو التهليل أو التكبير أو الصلاة على النبي ، بدلا عن التسبيحات ، فجعل الأولى أصلا وأحد الثلاثة الأخيرة رخصه ،
__________________
(١) اي : ولمقابلة انتفاء كلّ الصلاة ..