بل قيل : إنّه يمكن أن يراد بالانصراف في الأوّلين هو التسليم (١) ، بل هو مقتضى بعض الصحاح كصحيحة الحلبي (٢) وغيرها (٣).
وقد يستشهد له بالأمر بالانصراف ـ الذي أقلّه الطلب ـ في بعض الأخبار ، ولا مطلوب بعد التشهد سوى التسليم.
ولم نقف على الأمر المطلق بالانصراف إلاّ قوله : « ينصرف » في بعض الأخبار ، وهو يحتمل أن يكون إخبارا عن حصول الانصراف بعد التشهد ، مع أنّ في الأمر الوارد عقيب الحظر كلاما مشهورا. وأمّا الأمر المعلّق في هذه الصحيحة (٤) فغايته مطلوبية الانصراف عن اليمين وهو يمكن أن يكون بنفسه مطلوبا. نعم في بعض الأخبار الواردة في الشك الأمر بالانصراف ثمَّ صلاة الاحتياط (٥) ، ويحتمل أن يكون الأمر فيه لمطلق الانصراف لأجل أداء الاحتياط ، هذا ، مع أنّ إطلاق الانصراف على التسليم مجاز وهو ليس بأولى من التجوز في الأمر بإرادة الإباحة.
هذا ، مضافا إلى ما في الصحيحة الثانية من اختلاف نسخها ففي موضع من التهذيب كما ذكر ، وفي آخر منه وفي الفقيه بدل : « يتشهّد » « يسلّم » (٦).
ويعضد هذه النسخة ـ مضافا إلى التعدّد وأضبطية الفقيه ـ الموافقة لصحيحين آخرين مرويين فيهما : عن رجل يكون خلف الإمام فيطيل الإمام
__________________
(١) كما في الرياض ١ : ١٧٢.
(٢) الكافي ٣ : ٣٣٧ الصلاة ب ٣٠ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٣١٦ ـ ١٢٩٣ ، الوسائل ٦ : ٤٢٦ أبواب التسليم ب ٤ ح ١.
(٣) انظر : الوسائل ٦ : ٤٢٦ أبواب التسليم ب ٤.
(٤) كذا في جميع النسخ ، والصحيح ظاهرا : في بعض الاخبار. انظر : الوسائل ٦ : ٤٢١ أبواب التسليم ب ٢ ح ١٠ ، ١٣.
(٥) انظر : الوسائل ٨ : ٢١٦ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٠.
(٦) التهذيب ٣ : ٢٨٣ ـ ٨٤٢ ، الفقيه ١ : ٢٦١ ـ ١١٩١ ، الوسائل ٨ : ٤١٣ أبواب صلاة الجماعة ب ٦٤ ح ٢.