أنّه إن أريد أنّ علّة وجوب ماهيّة التسليم حصول التحليل به فهو مسلّم ، ولكن يجب الزائد عنها أيضا إجماعا ، وإلاّ لكفى التسليم بأيّ نحو اتّفق ولو بمثل السلام على النبي ، أو على الملائكة ، أو على الناس ، ولم تجب إحدى الصيغتين.
وإن أريد أنّ علّة وجوب التسليم المعهود هو ذلك ، فلا دليل عليه ، ومقتضى رواية العلل ليس إلاّ علّية التحليل لوجوب المطلق. وحمله في الرواية على التسليمين مجاز لا دليل عليه ، ولو سلّم جواز إرادة المعهود فلا يتعيّن كونه الصيغتين ، فلعلّه السلام عليكم كما أطلق عليه التسليم في الأخبار وكلمات القدماء ، بل يدلّ عليه ما في الأخبار من أنّ التسليم إذن ، وأنّ الإذن يحصل بالسلام عليكم.
وعلى هذا فنقول : التحليل وإن حصل بذلك ولكن لا تنحصر علّة وجوب أحد التسلمين المعهود بالتحليل. ولذا قال بعض أصحابنا ـ بل جماعة كما قيل ـ : إنّه يخرج من الصلاة بقوله : السلام علينا .. وإن وجب الإتيان بالسلام عليكم أيضا (١) ، وقال صاحب البشرى : لا مانع من أن يكون الخروج بالسلام علينا .. وإن كان يجب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (٢).
مع أنّ لنا أن نقول : إنّ مقتضى الرواية كون التحليل معلولا للتسليم المعيّن الذي هو السلام عليكم ، لأنّه علّل فيها صيرورته تحليلا بأنّه تحيّة الملكين ، ومثله ورد في المروي في معاني الأخبار (٣) ، ولا شك أنّها مخصوصة بالسلام عليكم.
وعلى هذا فيجب إمّا حمل التحليل في رواية الخصال على ما حملها به بعضهم من الانقطاع أو الانصراف أو الخروج (٤) ، أو ارتكاب تجوّز في رواية العلل.
__________________
(١) انظر : المنتهى ١ : ٢٩٦ ، والحبل المتين : ٢٥٣ ، والمفاتيح ١ : ١٥٢.
(٢) حكاه عنه في الذكرى : ٢٠٨.
(٣) معاني الأخبار : ١٧٥ ، الوسائل ٦ : ٤١٨ أبواب التسليم ب ١ ح ١٣.
(٤) كما في الحدائق ٨ : ٤٨٩.