قلت : يعني الركعتين بعد العشاء الآخرة؟ قال : « نعم إنّهما ركعة ، فمن صلاّهما ثمَّ حدث به حدث مات على وتر ، فإن لم يحدث حدث الموت صلّى الوتر في آخر الليل » فقلت له : هل يصلّي رسول الله هاتين الركعتين؟ قال : « لا » قلت : ولم؟ قال : « لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يأتيه الوحي ، وكان يعلم أنه هل يموت في هذه الليلة أو لا ، وغيره لا يعلم ، فمن أجل ذلك لم يصلّهما وأمر بهما » (١).
وردّ دلالة الأحاديث المتقدّمة : بأنّ غاية ما تدلّ عليه أنّ ما هو المقصود من شرعيّة النافلة يتحقّق مع الجلوس وهو غير مناف لأفضليّة غيره. والحاصل أنّها لا تدلّ على أزيد من ثبوت فضيلة للجلوس لا أفضليّته ، ولعلّ ذكره لأنّ هذا القدر من الفضيلة كاف في المقصود من النافلة والزائد فضل آخر.
والبواقي : بأنّه إذا كانت الركعتان من قيام بدل الركعتين من جلوس المحسوبتين بركعة يصحّ إطلاق الركعة والوتر عليهما مجازا.
ويجاب عن الأوّل : بأنّه إنّما يفيد لو ثبت أفضليّة الغير بل توقيفه.
والثاني : بأنّ صحة التجوّز لا تدلّ على وقوعه.
والثاني صريح الروضة (٢) ، ووالدي في المعتمد ، ونفى المحقّق الأردبيلي عنه البعد (٣) ، ومال إليه في الحدائق (٤) ، لصحيحة الحارث النصريّ على ما في التهذيب : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « صلاة النهار ستّ عشرة ركعة : ثمان إذا زالت الشمس وثمان بعد الظهر ، وأربع ركعات بعد المغرب. يا حارث ، لا تدعهنّ في سفر ولا في حضر ، وركعتان بعد العشاء الآخرة كان أبي يصلّيهما وهو قاعد ، وأنا أصلّيهما وأنا قائم » (٥).
__________________
(١) علل الشرائع : ٣٣٠ ـ ١ ، الوسائل ٤ : ٩٦ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢٩ ح ٨ مع تفاوت يسير.
(٢) الروضة ١ : ١٦٩.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٦.
(٤) الحدائق ٦ : ٦٢.
(٥) التهذيب ٢ : ٤ ـ ٥ و ٩ ـ ١٦ ، الوسائل ٤ : ٤٨ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٣ ح ٩.