نعم ما فيها ـ من أنه لا يجوز العدول بالنية عن اعتكاف إلى غيره مع اختلافهما في الوجوب والندب واتحادهما ، ولا عن نيابة ميت إلى غيره إلا إذا نوى واجبا فبان عدم وجوبه ، فإن الأقوى جواز العدول إلى الندب ، ولا يخلو من إشكال ـ جيد جدا ، والله أعلم ، ولا يخفى عليك جريان هذا البحث في نية أصل الاعتكاف أيضا ، بل في كل عبادة مستغرقة للزمان.
الشرط الثاني الصوم ، فلا يصح بدونه بلا خلاف أجده فيه بيننا ، بل الإجماع بقسميه عليه ، لقول الصادق عليهالسلام في حسن الحلبي (١) وغيره : « لا اعتكاف إلا بصوم » وهو المراد من الوجوب في قول علي بن الحسين عليهماالسلام في خبر الزهري (٢) : « وصوم الاعتكاف واجب » بل النصوص (٣) بذلك في غاية الاستفاضة إن لم تكن متواترة ، فلا حاجة إلى الاستدلال عليه مضافا إلى ذلك بما في التذكرة من أن الاعتكاف لبث في مكان مخصوص فلم يمكن بمجرده قربة كالوقوف بعرفة ، فاحتاج إلى اشتراط الصوم ، لأنه بمجرده لا يكون عبادة ، إذ هو كما ترى ، نعم الظاهر أن شرطية الصوم له كشرطية الطهارة للصلاة لا يعتبر فيه الوقوع له ، بل يكفي في صحة الاعتكاف وقوعه معه وإن لم يكن له سواء كان الصوم واجبا أو ندبا رمضان كان أو غيره بلا خلاف أجده فيه ، بل عن المعتبر أن عليه فتوى علمائنا ، ويدل عليه مضافا إلى ذلك في الجملة وقوعه من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في شهر رمضان (٤) لكن في التذكرة بعد أن ذكر نحو ذلك قال : ولو نذر اعتكاف ثلاثة أيام مثلا وجب عليه الصوم بالنذر ، لأن ما لا يتم
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من كتاب الاعتكاف الحديث ٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من كتاب الاعتكاف الحديث ٢.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من كتاب الاعتكاف.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من كتاب الاعتكاف.