( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى ) فالتحقيق حينئذ اعتبار الايمان في النائب والمنوب عنه ، والله العالم.
ومما يتفرع أيضا على اعتبار كمال العقل أنه لا تصح نيابة المجنون مطبقا أو أدوارا حال دوره لانغمار عقله بالمرض المانع عن القصد المعتبر ، فلا يكون فعله صحيحا وكذا الصبي غير المميز وإن حج به الولي وهل تصح نيابة المميز؟ قيل : لا تصح لاتصافه بما يوجب رفع القلم فلا وثوق بفعله وقوله ، إذ ذلك لا ينافي مشروعية أصل النيابة ، بل لأن عبادته تمرينية فلا تقع لنفسه فضلا عن غيره ، أو للشك في تناول دليل النيابة له وإن قلنا بشرعية عبادته وقيل : نعم تصح لأنه قادر على الاستقلال بالحج ندبا بناء على شرعية عباداته ، ولا شك في شمول دليل النيابة له ، وحيث كان المختار عندنا صحة عمله لكن على وجه التمرين لا على كيفية أمر المكلف بالنافلة مثلا ـ لاختصاص ما عدا ذلك بالمكلفين ، لأن الحكم الشرعي خطاب الله المتعلق بأفعالهم من غير فرق بين خطاب الوجوب والحرمة والندب والكراهة ، بل لا يبعد إلحاق خطاب الإباحة بها ، وان عدم مؤاخذة الصبي لارتفاع القلم عنه كالمجنون ، لا لأنه مخاطب بالخطاب الإباحي ، نعم لما أمر الولي بأمره بالعبادة وكان الظاهر من هذا الأمر إرادة التمرين كان هو أيضا مأمورا بما أمر به الولي من التمرين بناء على ان الأمر بالأمر أمر لكن على جهة ذلك الأمر ، فيكون عمله على جهة التمرين مشروعا ـ كان المتجه عدم صحة نيابته عن الغير ، ضرورة اختصاص جهة التمرين به وان استحق هو عليه الثواب من هذه الجهة ، بل يجوز إهداؤه إلى الغير بإذن الولي أو مطلقا كما هو الأقوى ، لاختصاص دليل الحجر في غير ذلك ، لكن لا يقع منه بعنوان النيابة عن الغير المخاطب بالفعل لنفسه وجوبا أو ندبا ، وأوضح من ذلك لو قيل بأن التمرين فيه نحو تمرين الحيوانات على بعض الأعمال ، فإنه