الإسلام في السابق ، لأن الله لا يضل قوما بعد إذ هداهم ، وفيه أنه مخالف للوجدان ، ولظواهر الكتاب والسنة ، وآية الإحباط (١) انما تدل على عدم قبول عمل الكافر حال كفره لا ما عمله سابقا حال إسلامه ، ومع التسليم فهو مشروط بالموافاة على الكفر كما هو مقتضى الجمع بينها وبين الآية (٢) الأخرى الدالة على ذلك ، هذا كله مضافا إلى قول أبي جعفر عليهالسلام في خبر زرارة (٣) : « من كان مؤمنا فحج ثم أصابته فتنة فكفر ثم تاب يحسب له كل عمل صالح عمله ولا يبطل منه شيء » ونحوه غيره.
ولو لم يكن مستطيعا حال إسلامه فصار كذلك في حال ردته ولو عن فطرة بأن استصحبه غيره وحمله إلى مكة والمواقف وجب عليه الحج لاجتماع شرائطه وصح منه حج إسلام إذا تاب ولو كان عن فطرة بناء على قبولها منه ، سواء استمرت استطاعته إلى ما بعد التوبة أو لا ، إجراء له مجرى المسلم في ذلك لتشرفه بالإسلام أولا ، ومعرفة أحكامه التي منها الحج ، وخبر الجب (٤) انما هو في غيره ، بل في القواعد « أنه لو مات أي المرتد بعد الاستطاعة أخرج من صلب تركته ما يحج به عنه وإن لم يتب على إشكال » لكن فيه ما عرفت من عدم براءة ذمته من ذلك ، وعدم تأهله للإكرام ، ودعوى شمول أدلة القضاء له وكون الحج كالدين يمكن منعها أيضا ، فلعل الأقوى عدم
__________________
(١) سورة المائدة ـ الآية ٧.
(٢) سورة البقرة ـ الآية ٢١٤.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب مقدمة العبادات ـ الحديث ١.
(٤) المستدرك ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب أحكام شهر رمضان ـ الحديث ٢ والخصائص الكبرى ج ١ ص ٢٤٩.