وجهان ، أقواهما العدم عند بعض الأفاضل ، لأنه حق تعلق بالعين بمنزلة الدين ، فلا يملكه الوارث ، وفيه أن ذلك بمنزلة ما لو تبرع عنه متبرع بالحج أو بوفاء الدين ، ومن هنا اختاره في محكي الدروس ، ثم على تقدير العدم لا تبرأ ذمة الوارث بالقضاء عنه ثانيا ، لسقوط حجة الإسلام عنه ، ولو لم يكن له مال أو كان ولم يخرج منه فتبرع عنه وليه أو غيره فحج عنه أجزأ بلا خلاف ولا إشكال نصا وفتوى ، بل ربما أشعر المحكي عن ابن الجنيد بوجوب ذلك على الولي ، لإطلاق الأمر المحمول على الندب قطعا ، ضرورة كونه لا يزيد على الدين كما صرح به في بعض النصوص ، فيجري حينئذ فيه ما يجري فيه من براءة الذمة لو وقع من الولي أو غيره ، وعدم وجوبه على الولي إذا لم يكن للميت مال ، والله العالم.
المسألة الثالثة من وجب عليه حجة الإسلام وكان متمكنا منها لا يحج عن غيره تبرعا أو بـ ( اجارة ) بل ولا يحج تطوعا بلا خلاف أجده في الأول منهما ، لا لأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده على وجه يقتضي الفساد ، فان التحقيق خلافه ، ولا لكونه موقتا على وجه لا يصح فيه غيره كشهر رمضان ، فان التحقيق عدم اقتضاء الفورية أصل التوقيت فضلا عن التوقيت على هذا الوجه ، وما عن المبسوط هنا من انه لو حج ندبا انقلبت حجة إسلام مقطوع بفساده ، بل هو لخبر سعد بن أبي خلف (١) « سألت أبا الحسن موسى عليهالسلام عن الرجل الصرورة يحج عن الميت قال : نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحج به عن نفسه ، فان كان له ما يحج به عن نفسه فليس يجزي عنه حتى يحج من ماله ، وهي تجزي عن الميت إن كان للصرورة مال أو لم يكن له مال »
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب النيابة في الحج ـ الحديث ١.