داود لم يكن إشكال في الحكم أصلا ، إذ وجوب الفداء لهذه النصوص ، ووجوب القضاء لعموم « من فاتته » الذي لا يحكم عليه ما في الصحيحين المتقدمين بعد أن عرفت الحال فيه ، فتأمل جيدا.
ثم لا يخفى عليك أن الحكم في المقام ونظائره من العزائم لا الرخص ، ضرورة كون المدرك فيه نفي الحرج ونحوه مما يقضي برفع التكليف ، مضافا إلى لفظ الوضع ونحوه في خبر الكرخي ، فما عساه يظهر من قوله : « لا جناح » ونحوه من ارتفاع التعيين خاصة لا بد من إرجاعه إلى ما ذكرنا ، سيما مع عدم ظهور خلاف فيه من أحد من أصحابنا عدا ما عساه يظهر من المحدث البحراني ، فجعل المرتفع التعيين خاصة ، تمسكا بظاهر قوله تعالى (١) ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ) إلى قوله ( وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ) بعد كون المراد منه الشيخ وذا العطاش ، لكنه كما ترى ، إذ الآية ـ مع فرض كونها غير منسوخة بقوله (٢) ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) وقد عرفت ما ورد فيها من النصوص ، مضافا إلى ما رواه علي بن إبراهيم (٣) في المحكي من تفسيره بسنده إلى الصادق عليهالسلام من تفسيرها بمن مرض في شهر رمضان فأفطر ثم صح فلم يقض ما فاته حتى جاء رمضان فعليه أن يقضي ويتصدق لكل يوم بمد من طعام ـ يمكن حملها على استقلال قوله : ( وَأَنْ تَصُومُوا ) عن الأول ، لبيان كون الصوم خيرا من السفر المقتضي للإفطار ، أو أن المراد كونه خيرا في نفسه ، فلا ينافي وجوبه ، أو غير ذلك مما لا ينافي ما ذكرنا ، والله أعلم.
هذا والتحقيق أن المراد بالشيخ والشيخة من توقف بقاء صحة مزاجهما
__________________
(١) سورة البقرة ـ الآية ١٨٠.
(٢) سورة البقرة ـ الآية ١٨١.
(٣) تفسير علي بن إبراهيم ص ٥٦.