مما يخشى مع فقده التلف ، نعم لو كان المال قليلا غير مضر وغير مجحف اتجه الوجوب حينئذ ، وكان ذلك كزيادة أثمان الآلات على الأقوى.
ومن ذلك يظهر لك الحال فيما لو كان في الطريق عدو لا يأخذ المال قهرا إلا أنه لا يندفع إلا بمال ضرورة أولوية عدم السقوط به من الأول ، لأن الدفع فيه بصورة الاختيار بخلافه ، لكن ينبغي تقييد المال بما عرفت ، فما قيل كما عن الشيخ وجماعة من أنه يسقط الحج حينئذ وإن قل المال واضح الضعف ، كاستدلاله بصدق عدم تخلية السرب ، وبأنه من تحصيل شرط الوجوب فلا يكون واجبا ، وبأنه إعانة على الظلم فلا يكون جائزا ، وبأنه كأخذ المال قهرا ، إذ لا يخفى عليك ما في الأخير بعد ما عرفت الحكم في المشبه به ، بل وما في سابقه ، ضرورة عدم كونه إعانة عرفا ، بل هو من باب تحمل الظلم لأداء الواجب ومصانعة الظالم لتحصيل الحق ، فهو من مقدمات الواجب المطلق كزيادة الأثمان ونحوها ، ومع فرض القدرة عليها على وجه لا ضرر فيه ولا قبح يجب ، ويكون مخلى السرب كما هو واضح.
ومن هنا قال المصنف ولو قيل : يجب التحمل مع المكنة كان حسنا نحو قوله في المعتبر : والأقرب إن كان المطلوب مجحفا لم يجب ، وإن كان يسيرا وجب بذله وكان كأثمان الآلات ، بل عن التحرير والمنتهى أنه استحسن نحوه ومما يؤيد ذلك كله استمرار الطريقة في هذه الأزمان على وجه لم يكن فيه شك بين الأعوام والعلماء على وجوب الحج ، وقلما ينفك الطريق فيها على نجد ونحوه عن ذلك ونحوه ، بل لا ينفك عن بذل المال المجحف المضر ، بل عن الأخذ قهرا إن لم يدفع بالاختيار ، اللهم إلا أن يكون وجهه التمكن من السير على طريق لم يكن فيه ذلك ، وحينئذ ينبغي اعتبار الاستطاعة على غير الطريق المزبور في كونه حج إسلام ، مع أن ظاهر السيرة التي ذكرناها احتساب الحج فيه حج إسلام مع