المعلوم اشتراط وجوب الحج بها ، فيسقط الحج حينئذ مع الخوف على النفس قتلا أو جرحا من عدو أو سبع أو غيرهما ، أو على البضع ، أو على المال جميعه أو ما يتضرر به ، للحرج وصدق عدم الاستطاعة وعدم تخلية السرب ، وظاهر الحدائق نفي الخلاف فيه ، بل ظاهر التذكرة الإجماع عليه ، قال في الأول : « لا خلاف نصا وفتوى في أن أمن الطريق من الخوف على النفس والبضع والمال شرط في وجوب الحج » وقال في الثاني : « لو كان في الطريق عدو يخاف منه على ماله سقط فرض الحج عند علمائنا ، وبه قال الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين : لأن بذل المال تحصيل لشرط الوجوب ، وهو غير واجب ، فلا يجب ما يتوقف عليه ، وفي الرواية الأخرى أنه لا يسقط فرض الحج عنه ، ويجب أن يستنيب ».
قلت : قد عرفت ما في وجوب الاستنابة في المريض ونحوه ، فضلا عن ذلك ونظائره ممن لم يخل له السرب ، بل ربما ظهر من معقد ظاهر إجماع التذكرة ونفي الخلاف في الحدائق عدم الفرق في المال بين القليل والكثير والمضر وغيره وإن كان هو مشكلا مع القلة وعدم الضرر ، بل في كشف اللثام « لا أعرف للسقوط وجها وإن خاف على كل ما يملكه إذا لم نشترط الرجوع إلى كفاية ولم نبال بزيادة أثمان الزاد والآلات وأجرة الراحلة والخادم ونحوهما ولو أضعافا مضاعفة ـ بل قال ـ : وعلى اشتراط الرجوع إلى كفاية وعدم الزيادة على ثمن المثل وأجرة المثل أيضا نقول : إذا تحققت الاستطاعة المالية وأمن في المسير على النفس والعرض أمكن أن لا يسقط خوفه على جميع ما يملكه فضلا عن بعضه ، لدخوله بالاستطاعة في العمومات ، وخوف التلف غير التلف ، ولم أر من نص على اشتراط الأمن على المال قبل المصنف ، وغاية ما يلزمه أن يؤخذ ماله فيرجع » وفيه منع صدق اسم الاستطاعة في الفرض عرفا أو شرعا ، بل لعله في بعض أحوال الفرض يكون مخاطرا على النفس بالعارض لذهاب راحلته أو زاده أو نحو ذلك