لم يستقر الحج في ذمته ، لأن نفقة الرجوع لا بد منها في الشرائط ، ولكن أشكله في المدارك باحتمال بقاء المال لو سافر ، وبأن فوات الاستطاعة بعد الفراغ من أفعال الحج لم يؤثر في سقوطه قطعا ، وإلا لوجب اعادة الحج مع تلف المال في الرجوع أو حصول المرض الذي يشق معه السفر ، وهو معلوم البطلان ، قلت : قد يمنع معلومية بطلانه بناء على اعتبار الاستطاعة ذهابا وإيابا في الوجوب
والكافر يجب عليه الحج عندنا بل الإجماع بقسميه عليه ، لشمول خطاب أدلة الفروع له خلافا لأبي حنيفة ولكن لا يصح منه ذلك ما دام كافرا كسائر العبادات وان اعتقد وجوبه وفعله كما يفعله المسلم ، لكون الإسلام شرطا في الصحة ، وكذا لا يصح القضاء عنه لو مات ، لعدم كونه أهلا للإبراء من ذلك والإكرام ، وعموم الأدلة له ممنوع ، فيبقى أصل عدم مشروعية القضاء عنه سالما ، نعم لو أسلم وجب عليه الإتيان به إذا استمرت الاستطاعة ، وإلا لم يجب أيضا وان فرض مضي أعوام عليه مستطيعا في الكفر ، لأن الإسلام يجب ما قبله ، لكن في المدارك يجب عليه ذلك في أظهر الوجهين ، ثم قال : واعتبر العلامة في التذكرة في وجوب الحج استمرار الاستطاعة إلى زمان الإسلام ، وهو غير واضح ، قلت : بل الوجوب غير واضح ، ضرورة كونه كالقضاء الذي يثبت عليه بفوات الفريضة ، فإنه بالإسلام أيضا يسقط عنه ، فكذلك وجوب الحج ، ومرجعه الى الخطاب به حال كفره على وجه يتحقق به العقاب لو مات عليه ، اما لو أسلم سقط عنه ، لما عرفته من جب الإسلام ما قبله فإنه قد كان في حال أعظم من ذلك ، فإذا غفره الله له غفر له ما دونه ، ومن ذلك يعلم انه لو فقد الاستطاعة قبل الإسلام أو بعده قبل وقته ومات قبل عودها لم يقض عنه ، ولو أحرم لم يعتد بإحرامه حال كفره ، كما لا يعتد بغيره من عباداته.