تحقق العذر بكل ما غلب الله عليه من غير فرق بين المرض والحيض وغيرهما ، بل لا يبعد ظهور قوله عليهالسلام : « الله حبسه » في تناول السفر وان لم يكن ضروريا باعتبار كونه محبوسا عن الصوم معه ، بل هو حينئذ مما غلب الله عليه باعتبار كون منع الصوم فيه منه ، فيكون ذلك كناية عن كل ما ينافي الصوم إذا لم يكن من قبل المكلف ، بمعنى انه لا ينافي التتابع إلا التعمد للإفطار ، فما في الوسيلة والسرائر وظاهر الخلاف ـ من ان السفر قاطع للتتابع ، بل صرح في الثاني بعدم الفرق بين المضطر في ذلك والمختار ، ولعله لعدم صدق غلبة الله له عليه بعد ان كان باختياره مع حرمة قياسه على المرض والحيض الذين لم نتعرض لغيرهما ، فلا مخرج حينئذ عن أصل وجوب التتابع ـ فيه انه شريكهما في الضرورة ، بل لعله شريكهما في حبس الله وغلبته بعد الاذن فيه ، لنفي العسر والحرج في الذين ، ولذا جاز وقوعه في شهر رمضان الذي يجب التتابع فيه ، بل قد عرفت ان دقيق النظر يقضي بكون المراد من التعليل بالحبس والغلبة إخراج تعمد الإفطار ، فلا يشمل تعمد سبب ما أمر الشارع بالإفطار منه.
ومنه يعلم حينئذ انه لا فرق في المرض والحيض وغيرهما من الأعذار التي يرتفع خطاب الصوم معها بين ان تكون أسبابها من الله عز وجل وبين ان تكون من العبد ، فإنها على كل حال تكون أعذارا وقد حبسه الله تعالى عن الصوم معها وغلبه عليها ، كما ان منه يعلم حينئذ عدم الفرق بين السفر الضروري والاختياري كما هو مقتضى إطلاق الشيخ في النهاية عذرية السفر ، وان استحسن الفرق بينهما المصنف في المعتبر ، بل قطع به الفاضل بل والشهيد في الدروس إذا حدث سببه بعد الشروع في الصوم ، وهذا وان كان هو الأحوط ، بل أحوط منه قطع التتابع به مطلقا ، الا ان الأقوى ما عرفت ، ويندرج فيه ما لو نسي النية حتى فات وقتها أو نام عنها كذلك ، فان صوم ذلك اليوم باطل ، الا انه لا يقطع التتابع للعذرية