المسألة الثانية يقضى الحج من أقرب الأماكن عند الأكثر ، بل المشهور بل عن الغنية الإجماع عليه ، والمراد به كما في المدارك « أقرب المواقيت إلى مكة إن أمكن الاستيجار منه ، وإلا فمن غيره مراعيا الأقرب فالأقرب ، فإن تعذر الاستيجار من احد المواقيت وجب الاستيجار من أقرب ما يمكن الحج منه إلى الميقات » وفي القواعد « من أقرب الأماكن إلى الميقات » ومزجها في كشف اللثام قال : « وانما يجب أي الحج عنه من أقرب الأماكن إلى مكة من بلده إلى الميقات فإن أمكن من الميقات لم يجب إلا منه ، وإلا فمن الأقرب إليه فالأقرب ، ولا يجب من بلد موته أو بلد استقراره عليه » قلت : الظاهر اتحاد المراد ، وهو الحج عنه من أقرب الأماكن إلى مبدإ نسك الحج ، فلو فرض عدم التمكن من ذلك إلا من بلده وجب ، ولا يشكل ذلك بمنافاته لحق الوارث بعد إيجاب الشارع الحج من جميع ماله ، وقد فرض توقفه على ذلك فيجب ، بل الظاهر تقديمه على ما لو تمكن من الحج عنه من أدنى الحل أو من مكة مثلا أو نحو ذلك من مواقيت الاضطرار بمعنى دوران الأمر بين الحج عنه من بلده وبين مواقيت الاضطرار ، فإنه يقدم الأول ، كما هو واضح ، بل الظاهر مراعاة مزاحمته للدين على هذا الوجه أيضا ، إذ الاضطرار بالنسبة إلى الميت قصور ماله ، والفرض سعته ، وتكون حينئذ الأجرة خارجة من الأصل على جميع الأقوال ، وإلى هذا أومأ في المدارك بقوله : « فلو اوصى بالحج من البلد فان قلنا بوجوبه كذلك من دون وصية كانت أجرة المثل لذلك خارجة من الأصل ، وإن قلنا الواجب الحج من الميقات ، كان ما زاد على أجرة ذلك محسوبا من الثلث إن أمكن الاستيجار من الميقات ، وإلا وجب الإخراج من حيث يمكن ، وكانت أجرة الجميع من الأصل كما هو واضح » فان المراد بقوله : « وإلا » إلى آخره ما أشرنا إليه ، فمن الغريب إنكاره عليه في