يفتقر اليـ ) هما في قطع المسافة وإن قصرت عن مسافة القصر ، خلافا للمحكي عن العامة فشرطوا ذلك ، لا مثل القريب الذي يمكنه قطع المسافة بالمشي من دون مشقة يعتد بها ، بل لا أجد فيه خلافا ، بل في المدارك نسبته إلى الأصحاب مشعرا بدعوى الإجماع عليه ، وإن كان الذي وقفنا عليه الشيخ في محكي المبسوط والفاضل في القواعد والتذكرة والمنتهى ، وعن التحرير والمصنف أنه لا يشترط الراحلة للمكي ، ولعلهما يريدان أيضا ما يشمل ذلك ، فيتفق الجميع حينئذ ، لكن في كشف اللثام يقوى عندي اعتبارها أيضا للمكي للمضي إلى عرفات وأدنى الحل والعود ، ولذا أطلق الأكثر ومنهم الشيخ في غير المبسوط والفاضل في الإرشاد والتبصرة والتلخيص والمحقق في النافع ، قلت : قد يقال إنه ينقدح الشك من ذلك كله في تناول دليل الشرط المزبور لمثل الفرض ، فيبقى اعتبار صدق اسم الاستطاعة بالنسبة إليه خاليا عن المعارض ، وانما يبقى تقييده بنفي الضرر والحرج ونحوهما ، ويكون حينئذ المدار عليها كما فيما لم يدل دليل على اعتبار أمر شرعي من الاستطاعة بالنسبة إليه لما سمعته من التحقيق السابق.
وكيف كان فـ ( لاتباع ثياب مهنته ) بالفتح والكسر أي ما يبتذله من الثياب ، لأن المهنة الخدمة وعدم بيعها في حج الإسلام لا أجد فيه خلافا ، بل عن المعتبر والمنتهى والتذكرة الإجماع على استثناء ثياب بدنه التي يدخل فيها ثياب التجمل اللائقة بحاله زمانا ومكانا فضلا عن ثياب المهنة ، كإطلاق الثياب في الدروس ومحكي التحرير ، وهو الحجة مضافا إلى ما فيه من العسر والحرج ، وأن الشارع استثناها في دين المخلوقين الذي هو أعظم من دين الخالق ، وإلى فحوى ما تسمعه من خبر أبي الربيع الشامي (١) الذي فسر السبيل فيه بالسعة بالمال.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب وجوب الحج ـ الحديث ١.