وكيف كان فقد عرفت وتعرف أن الإحرام لعمرة كان أو لحج من الميقات الذي وقته رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم له مع الاختيار وعرفت أيضا أن مكة ميقات لحج التمتع وحينئذ ف لو أحرم بحج التمتع من غير مكة لم يجزه ولو دخل مكة بإحرامه على الأشبه بأصول المذهب وقواعده التي منها اعتبار موافقة الأمر في صحة العبادة وإجزائها ووجب استئنافه منها ليوافق الأمر به ، ودخول مكة بالإحرام من غيرها ولو من ميقات العمرة مع عدم تجديده منها لا يجدي في امتثال الأمر به منها ، خصوصا بعد فساد الإحرام الأول الحاصل من غير الميقات عمدا ، واستدامة النية على ذلك الإحرام عند مروره ليست نية لإنشائه ، بلا خلاف أجده في شيء من ذلك بيننا ، بل عن التذكرة والمنتهى نسبته إلى علمائنا مشعرا بدعوى الإجماع عليه عندنا ، نعم عن أحمد أنه يحرم للحج من الميقات ، وعن الشافعي جواز ذلك له ، وربما أشعرت عبارة المتن بوجود خلاف فيه بيننا ، لكن عن شارح ترددات الكتاب إنكار ذلك ، بل نقل عن شيخه أن المصنف قد يشير في كتابه بنحو ذلك إلى خلاف الجمهور ، أو إلى ما يختاره من غير أن يكون خلافه مذهبا لأحد من الأصحاب فيظن أن فيه خلافا وبالجملة لا إشكال بل ولا خلاف محقق في فساد الإحرام لحج التمتع من غير مكة مع الاختيار ، فلا يجديه حينئذ المرور فيها ما لم يجدد الإحرام منها له ، كما هو واضح.
نعم لو تعذر ذلك ولو لضيق الوقت قيل والقائل الشيخ في المحكي من خلافه يجزيه ذلك الإحرام الذي أوقعه في غيرها لعذر من نسيان أو غيره ، وتبعه في كشف اللثام حاكيا له عن التذكرة أيضا للأصل ومساواة ما فعله لما يستأنفه في الكون من غير مكة ، وفي العذر ، لأن النسيان عذر والوجه أنه يستأنفه حيث أمكن ولو بعرفة إن لم يتعمد ذلك عالما بالحال ،