عدم انفكاكه عن التلبية المقصود بها عقد الإحرام ، هذا.
وفي الروضة « قد أوجب المصنف رحمهالله وغيره النية للتلبية أيضا ، وجعلوها متقدمة على التقرب بنية الإحرام بحيث يجمع النيتين جملة ليتحقق المقارنة بينهما كتكبيرة الإحرام لنية الصلاة ، وانما وجبت النية للتلبية دون التحريمة ، لأن أفعال الصلاة متصلة حسا وشرعا ، فتكفي نية واحدة للجملة كغير التحريمة من الأجزاء ، بخلاف التلبية فإنها من جملة أفعال الحج ، وهي منفصلة شرعا وحسا فلا بد لكل واحد من نية ، وعلى هذا فكان إفراد التلبية عن الإحرام وجعلها من جملة الأفعال أولى كما صنع في غيره ، وبعض الأصحاب جعل نية التلبية عين نية الإحرام وإن حصل بها فصل » ولا يخفى عليك خلو هذا الكلام عن التحصيل بل هو خلاف ظاهر النص والفتوى ، ضرورة اقتصارهما في بيان كيفية الإحرام على ذكر نيته وأن يقول : لبيك ولبس الثوبين ، وإن كان هو سهلا على الداعي ولكن مع ذلك لا ينبغي ترك الاحتياط بفعل جميع ذلك.
وكيف كان فقد ظهر لك مما ذكرنا انه لا ينعقد إحرام المتمتع والمفرد إلا بالتلبية أو بالإشارة للأخرس مع عقد قلبه بها كما هو المشهور ، لقول أبي عبد الله عليهالسلام في خبر السكوني (١) المنجبر بالعمل « إن عليا عليهالسلام قال : تلبية الأخرس وتشهده وقراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته بإصبعه » ولعل عدم ذكر عقد القلب فيه كما عن الأكثر للاكتفاء عنه بالإشارة بالإصبع التي لا يتحقق مسماها بدونه ، بل الظاهر كون المراد منه بيان انها منه على حسب ما يبرز غيرها من مقاصده كما أوضحناه في كتاب الصلاة ، ولذا تركها أبو علي فاقتصر على عقد القلب ، قال فيما حكي عنه : « يجزيه تحريك
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب الإحرام ـ الحديث ١.