فيبقى إطلاق الأدلة حينئذ سالما عن المعارض ، حتى أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أصحابه بالعدول بعد تمام السعي مقتصرا في الاستثناء على سوق الهدي ، وفي الرياض انه عزاه بعض الأصحاب إلى الأكثر ، قال : خلافا لظاهر التحرير والمنتهى وتردد الشهيد ، وبذلك يظهر لك ما في كتب غير واحد من الأصحاب ، فلاحظ وتأمل.
هذا كله في العدول إلى عمرة التمتع ، وهل له العدول إلى عمرة مفردة اختيارا؟ احتمال لا يخلو من قوة وإن كان الأحوط عدمه كما في كشف اللثام ، وفي بعض النصوص جواز العدول بالعمرة المفردة في أشهر الحج إلى التمتع ، كما ان منه يظهر لك الوجه فيما في الدروس ، قال : وكما يجوز فسخ الحج إلى العمرة يجوز نقل العمرة المفردة إلى المتعة إذا أحل بها في أشهر الحج إلا لمن لبى بعد طوافه وسعيه ، فان لبى فلا ، وفي التلبية بعد النقل تردد ، وابن إدريس لم يعتبر التلبية بل النية ، وكذا حكم تلبية فاسخ الحج إلى العمرة ، وابن الجنيد جوز العدولين ، وشرط في العدول من الحج إلى المتعة ان يكون جاهلا بوجوب العمرة ، وان لا يكون قد ساق ، ولا لبى بعد طوافه وسعيه ، ولا يخفى عليك الحال بعد الإحاطة بما ذكرنا والله العالم.
ولا يجوز ذلك أي العدول المزبور اختيارا للقارن بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، والنصوص (١) يمكن دعوى تواترها فيه ، بل مقتضى إطلاقها كالفتاوى عدم الفرق بين من تعين عليه القران قبل الإحرام به أم لا ، لتعينه عليه بالسياق ، نعم إذا عطب هديه قبل مكة ولم يجب عليه الابدال فهل يصير كالمفرد في جواز العدول؟ قد احتمل بعضهم ذلك ، لتعليل المنع عنه في الأخبار (٢) بأنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله ، ولا يخلو من نظر ، وقد سمعت
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ و ٥ ـ من أبواب أقسام الحج.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب أقسام الحج.