فلا إشكال في رجحان التمتع فيه لهم ولغيرهم ، ولعله لإطلاق ما دل على أفضليته لكن إن لم يكن إجماعا أمكن المناقشة بظهور النصوص في عدم أصل المشروعية لهم ، بل ظاهر جملة منها أو صريحها وهي الواردة في مجاوري مكة تناول المندوب أيضا وحينئذ فلا يتم الاستظهار السابق من الخبرين ، ومما ذكرنا يعلم الحال فيما في الدروس قال : واختلف في جواز التمتع للمكي اختيارا في حج الإسلام باختلاف الروايات ، فجوزه الشيخ وجوز فسخ الإفراد إليه محتجا بالإجماع ، وتبعه في المعتبر ، إذ لم نقف على الروايات المقتضية للجواز إلا ما عرفت ، كما انا لم نتحقق ما حكاه من الإجماع ، بل لعل المتحقق خلافه.
وعلى كل حال ف لو قيل بالجواز لم يلزمهم هدي لعدم فوات ميقات الإحرام لهم ، لكن قد عرفت انه نسك لا جبران ، لإطلاق الأدلة كتابا وسنة ، ولعله لذا قطع المصنف به في باب الهدي من غير خلاف ، وستسمع تمام الكلام فيه إن شاء الله.
وشروطه اي حج الإفراد ثلاثة : الأول النية التي قد عرفت البحث فيها سابقا في حج التمتع والثاني ان يقع بتمامه في أشهر الحج بلا خلاف فيه بيننا ، بل في المعتبر عليه اتفاق العلماء ، لقوله تعالى (١) : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) لكن عن أبي حنيفة واحمد والثوري جواز الإحرام به قبلها ، والثالث ان يعقد إحرامه من ميقاته الذي يمر عليه إن كان أقرب من منزله أو من دويرة اهله ان كان منزله دون الميقات بلا خلاف فيه أيضا بيننا ، خلافا لمجاهد فإنه قال : يهل من مكة ، إنما الكلام في اعتبار الأقربية إلى مكة كما في أكثر الأخبار (٢) أو إلى عرفة ، وستعرف الكلام فيه في محله
__________________
(١) سورة البقرة ـ الآية ١٩٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب المواقيت.