للمحرم فعله لم يلزمه بذلك كفارة إذا كان متمتعا أو مفردا لعدم انعقاد إحرامه وكذا لو كان قارنا ولم يشعر ولم يقلد بل ربما ظهر منها انه لا يجب عليه استئناف النية بعد ذلك كما هو مقتضى الأصل بل وإطلاق النص والفتوى ، فيكفي الإتيان بالتلبية من دون تجديد ، وحينئذ يكون المنوي عند عقد الإحرام اجتناب ما يجب على المحرم اجتنابه من حين التلبية نحو نية الصوم عن المفطرات من الفجر ، فلا يقدح فعل شيء منها بعدها قبله ، لكن عن المرتضى وجوب الاستئناف ، ولعله لانتقاض الإحرام بفعل المنافي ، وربما دل عليه مرسل سويد (١) من النصوص السابقة ، وفيه ان فعل المنافي لا يقتضي النقض كما لو فعله بعد التلبية والخبر مع إرساله يمكن حمل النقض في سؤاله على ضرب من المجاز ، نعم لو أراد إبطال النية الأولى برفع اليد من أصل الإحرام بناء على ما ذكرناه من أن له ذلك قبل التلبية احتيج إلى تجديدها لانتقاضها.
ثم لا يخفى عليك ظهور عبارة المتن في عدم اعتبار مقارنة النية للتلبية كما عرفت تحقيقه فيما تقدم ، بل ولا لشد الإزار كما حكاه في الدروس عن بعض الأصحاب ، وان كنا لم نتحققه ، للأصل وإطلاق الأدلة السابقة ، ويمكن حمله على ارادة عدم جواز عقد الإحرام إلا وهو لابس للثوبين ، وإن كان لا يفسد الإحرام بذلك على الأصح كما ستسمع تحقيقه ان شاء الله ، ولكن مع ذلك كله لا ينبغي ترك الاحتياط الذي هو ساحل بحر الهلكة ، والله العالم.
الثالث لبس ثوبي الإحرام ، وهما واجبان بلا خلاف أجده فيه كما
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الإحرام ـ الحديث ١٢ وهو مرسل ابن سويد كما تقدم في ص ٢١٧.