ثم إنه لا إشكال في جواز اجتياز المحرم في موضع يباع فيه الطيب مثلا ، أو يجلس عند متطيب إذا لم يكتسب جسده ولا ثوبه من ريحه وكان قابضا على أنفه كما صرح به غير واحد ، للأصل بعد عدم صدق عنوان النهي من المس والأكل والاستعمال ، وفي صحيح ابن بزيع (١) « رأيت أبا الحسن عليهالسلام كشف بين يديه طيب لينظر اليه وهو محرم فأمسك بيده على أنفه من رائحته » وحينئذ فلا بأس ببيعه وشرائه وغيرهما مما لا يندرج في عنوان النهي ، نعم يجب الامتناع عن شمه بقبض الأنف ونحوه لحرمة ذلك عليه ، وللخبر المزبور المعتضد بالأمر في النصوص السابقة بذلك عن الرائحة الطيبة ، خلافا للمحكي عن ظاهر المبسوط والاستبصار والسرائر والجامع فلا يجب ، للأصل بعد منع اندراج إصابة الرائحة في الطريق في موضوع النهي ، بخلاف الشم والمباشرة والأكل المؤديين له ولما سمعته من خبر هشام بن الحكم (٢) « لا بأس بالريح الطيبة » الى آخره ، وهو كما ترى ، ضرورة انقطاع الأصل بما عرفت ، واختصاص الخبر المزبور في المكان المخصوص للضرورة أو غيرها ، بل لعل تعمد الاجتياز في الطريق المزبور مثلا كالمباشرة والتناول وغيرهما المؤدي إلى الشم.
هذا كله في الرائحة الطيبة ، أما الرائحة الكريهة فالمشهور حرمة إمساك الأنف عن شمها ، بل عن ابن زهرة نفي الخلاف فيه للنهي عنه فيما سمعته من النصوص المعتبرة التي منها صحيح ابن سنان (٣) عن الصادق عليهالسلام « المحرم إذا مر على جيفة فلا يمسك على أنفه » فلا وجه للمناقشة باحتمال ارادة نفي الوجوب
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب تروك الإحرام ـ الحديث ٣.