الفقراء هنا ، إذ هو تفريق للموجود ، بخلاف غيره فإنه دفع ممن عليه الكفارة فلا بأس باستحباب دفعه للمدين بخلاف ما هنا ، ومن هنا يمكن ترجيح نصوص المدين بالفتاوى ، وفي كشف اللثام احتمال الجمع بينها باختلاف القيمة ، فإن وفت بمدين تصدق بهما ، وإلا فبمد على كل أو على البعض ، ولكن لا أعرف به قائلا بالتنصيص ، ويحتمله كلام من أطلق إطعام الستين ، وفيه ما لا يخفى من عدم شاهد له ، مضافا إلى ما اعترف به من عدم القائل.
وأما عدم وجوب الزائد ولا إكمال الناقص فلا خلاف أجده فيه ، بل عن الخلاف الإجماع على الأول ، مضافا إلى ما سمعته من النصوص الدالة على الحكمين التي لا ينافيها إطلاق غيرهما من النصوص إطعام الستين بعد تنزيله على ذلك ، بل لعله كذلك أيضا في كلام من أطلق كالمفيد وابني بابويه وابن أبي عقيل والمرتضى وسلار على ما حكي عنهم ، نعم عن أبي الصلاح وابن زهرة إطلاق أن من لم يجد البدنة تصدق بثمنها ، كقول أبي جعفر عليهالسلام لمحمد بن مسلم (١) في الصحيح « عدل الهدي ما بلغ يتصدق به » ويمكن تنزيله على إرادة الصدقة به على الوجه المزبور ، بل يمكن تنزيل إطلاقهما أيضا على ذلك وإلا كان لا دليل له ، نحو المحكي عن الحلبيين أيضا من الانتقال إلى الصوم مع العجز عنها ، بل هو مناف للكتاب والسنة والإجماع ، ومن هنا يمكن حمله على إرادة العجز عنها عينا وقيمة ، وإلا كان واضح البطلان ، كما أن خبر داود الرقي (٢) عن الصادق عليهالسلام « فيمن عليه بدنة واجبة في فداء إذا لم يجد بدنة فسبع شياه ، فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما » لا عامل به هنا وإن حكي عن المقنع والجامع الفتوى بمضمونه ، لكنهما وافقا المشهور في المقام.
ولو فقد العاجز عن البدنة مثلا البر وقلنا بتعينه دون قيمته فأقوى
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٨.
(٢) الوسائل ـ الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد الحديث ٤.