حيث إنّ اتصال الحمام في الأغلب يكون على الوجه الأوّل وقد فرض اتصال الغديرين بالوجه الثاني.
واعتبر هذا الفرق بعض المتأخّرين ، وليس بذاك ، سيّما بعد الحكم بانفعال الأعلى في مسألة الغديرين ؛ فإنّ المقتضي لعدم انفعال السافل منهما عندهم هو صدق الوحدة ، وذلك يقتضي عدم انفعال الأعلى أيضا ؛ إذ لا معنى (١) لصدقها بالنظر إلى بعض الأجزاء دون بعض ، فليتأمّل هذا (٢).
وقد اكتفى والدي رحمهالله ـ بناء على أصله السابق ـ ببلوغ المجموع من المادّة والحوض مقدار الكرّ مع التواصل مطلقا (٣). وتبعه عليه بعض مشايخنا المعاصرين (٤) ، وقد عرفت ما فيه.
ومن المجازفات العجيبة ما يوجد في كلام بعض المتأخّرين من أنّ بلوغ المجموع قدر الكرّ كاف مطلقا إجماعا ، وأنّ إطلاق الأصحاب اشتراط كرّية المادّة مبنيّ على الغالب من كثرة الأخذ من ماء الحوض.
وما أبعد ما بين هذا الكلام وبين عدّ بعض آخر إطلاق اشتراط الكرّية في المادّة قولا مغايرا للتفصيل باستواء السطوح وعدمه ، كما قرّرناه ؛ إذ مقتضى ذلك وجود القائل باشتراط كرّية المادّة وحدها وإن استوت السطوح.
والتحقيق : أنّ هذا بعيد أيضا. بل الظاهر أنّ المطلقين للاشتراط بنوه على الغالب من عدم الاستواء ، وإلّا فلا معنى لاكتفائهم ببلوغ المجموع في الغديرين
__________________
(١) في « ب » : إذ لا مقتضى.
(٢) في « ب » : فليتأمّل هنا.
(٣) روض الجنان : ١٣٧ ، الطبعة الحجريّة.
(٤) في « ب » : مشايخنا المتأخّرين