ولا تتوضّأ منه وإن لم يتغيّر ريحه وطعمه فاشرب وتوضّأ » (١).
إذا تقرّر هذا فأكثر الأصحاب على أنّ المعتبر من التغيّر ما يظهر للحس ، فلو كانت النجاسة مسلوبة الصفات لم تؤثّر في الماء وإن كثرت.
وذهب العلّامة رحمهالله إلى وجوب تقدير النجاسة على أوصاف مخالفة. فإن كان الماء يتغيّر بها على ذلك التقدير حكم بنجاسته وإلّا فهو باق على الطهارة (٢).
وحجّته على ما حكاه بعض الأصحاب : « أنّ التغيّر الذي هو مناط النجاسة دائر مع وجود الأوصاف ؛ فإذا فقدت وجب تقديرها ».
وليس بشيء ؛ إذ لا تزيد على إعادة المدّعى (٣).
وفخر المحققين وافق والده على ذلك ، واحتجّ له بوجود المقتضي ، وهو صيرورة الماء مقهورا ؛ لأنّه كلّما لم يكن الماء مقهورا لم يتغيّر بها على تقدير المخالفة ، وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا كلّما تغير على تقدير المخالفة كان مقهورا (٤).
وهو ضعيف أيضا ؛ لتوجّه المنع إلى كلّية الاولى.
وما يقال : من أنّ عدم وجوب التقدير يفضي إلى جواز الاستعمال وإن زادت النجاسة على الماء أضعافا وهو كالمعلوم البطلان ، فوجب تقدير الأوصاف ؛ لأنها مناط التنجيس وعدمه ، فهو استبعاد قريب ، لكنّه لا ينهض (٥) دليلا
__________________
(١) الاستبصار ١ : ٩ ، الباب ١ ، الحديث ١٠.
(٢) نهاية الإحكام ١ : ٢٣٣.
(٣) في « ب » : لا تزيد على ما ادّعاه المدّعي.
(٤) إيضاح الفوائد ١ : ١٦.
(٥) في « ب » : لا ينهض به.