الذي يمنحها حصانة طبيعية في مقابل تعدّي المماليك.
وكانت مدرسة ( جزّين ) التي أنشأها الشهيد الأوّل في جبل عامل بذرة لشجرة طيّبة نمت فيما بعد وأثمرت واتّسعت واستتبعت مدارس فقهية اخرى في مناطق كثيرة من جبل عامل.
ورغم أن الشهيد الأوّل نفسه الذي أنشأ هذه المدرسة ذهب ضحية فتنة طائفية أوجدها المماليك في الشام واستشهد على يد ( بيدمر ) أحد ولاة المماليك على الشام إلّا أنّ العلم انتشر في جبل عامل ، وتعدّدت مراكز العلم والفقاهة وأصبحت هذه المنطقة مدرسة عامرة بالفقهاء والعلماء ، واستعاد التشيّع وجهه الفقهي والثقافي وأصالته في بلاد الشام.
ولمّا امتدّ بعد ذلك سلطان العثمانيين إلى بلاد الشام وواصل العثمانيون سياسة الاضطهاد والتضييق على شيعة الشام لم يكن هناك ما يهدّد كيان الشيعة العقائدي والفقهي في الشام كما حدث ذلك في فتنة المماليك من قبل ، فقد استطاع فقهاء الشيعة خلال هذه الفترة أن يعمّقوا في بلاد الشام وفي جبل عامل بالخصوص الاسس الفكرية والفقهية للتشيّع.
وقد استحدث الشهيد الأوّل نظاما خاصا لجباية الخمس وتوزيع العلماء في المناطق ، وكان لهذا العمل الفكري والثقافي والتنظيمي الذي نهض به الشهيد ومن خلفه من فقهاء الشيعة دور كبير في حفظ التشيّع في بلاد الشام » (١).
ب ـ الدولة الصوفية وهجرة الفقهاء إليها :
« الصفويون اسرة شيعية علوية عريقة تنتسب إلى صفيّ الدين الأردبيلي
__________________
(١) محمد مهدي الآصفي ، مقدمة رياض المسائل : ٦٤ ـ ٦٦.