نشطت فيها حركة التشيّع في بلاد الشام.
وعن هذه الفترة يقول السيوطي : غلا الرفض وفار بمصر والمشرق والمغرب (١).
في هذه الفترة انتعش التشيّع وامتدّ وانتشر في بلاد الشام ، ثمّ تلا هذه الفترة حكم الأيوبيّين الذين استلموا الحكم من الفاطميين وحكموا مصر والشام وجدّدوا اضطهاد الشيعة في بلاد مصر والشام معا ، ممّا أدّى إلى ضمور كبير للحالة الشيعية في مصر والشام ، ثمّ جاء من بعدهم المماليك عام ٦٤٨ ليواصلوا نفس السياسة التي مارسها سلفهم الأيوبيون في اضطهاد الشيعة والتضييق عليهم في بلاد الشام ، وكانت أيامهم من أشقّ الفترات على شيعة الشام.
وكان المماليك يتّخذون من فتاوى ابن تيمية ذريعة للفتك بالشيعة وإباحة دمائهم ، وأدّى ذلك إلى أن يحتمي طائفة منهم بالجبال والمناطق الجبلية ليحموا أنفسهم من فتك النظام وبطشه ، ويتظاهر طائفة منهم بالانتماء إلى المذاهب السنّية ليحمي نفسه وذويه من بطش الحكام.
ونتج عن ذلك ضمور للتشيّع في بلاد الشام واختفاء معالمه الفكرية والثقافية. فقد فقدت الطائفة الاولى بالتدريج انتماءها الفكري والعملي للتشيّع ، ولذلك أسموهم بالشيعة المتخاذلة أو المتستّرين. وأمّا الطائفة الثانية فقد شاع فيها الجهل نتيجة البعد والانقطاع عن مراكز العلم.
في مثل هذه الظروف الصعبة في عصر المماليك حاول الشهيد الأوّل أن يوصل جبل عامل بمدرسة الحلّة وينقل إليها العلم والفقاهة والفكر ، ويجعل من جبل عامل مدرسة للفقاهة والثقافة الإمامية مستفيدا من موقعها الجغرافي
__________________
(١) تأريخ الخلفاء : ٤٠٦.