نظرا إلى العموم. ثمّ قال : وإن وقع حيّا ومات فكذلك (١).
ومن أحاط خبرا بما حقّقناه لم يخالجه شك في فساد التسوية التي ذكرها بعد منعه لبقاء نجاسة الكفر بعد الموت وجعله مورد الحديث الوقوع ميّتا ـ كما أفصح به تمسّكه في حكم الوقوع ميّتا بالعموم ـ فإنّ اللازم من ذلك كون نزح السبعين واجبا لنجاسة الموت فقط ، إذ ليس هناك غيرها بزعمه. وحينئذ فإذا وقع حيّا ومات ، اقترن بها أمر آخر غير منصوص عنده وهو المباشرة حيّا ، فيجب لها ما يجب لغير المنصوص ، فكيف يقول بعد هذا : « إنّه إن وقع حيّا ومات فكذلك »؟!
ثمّ اعلم أنّ مراد ابن إدريس من قوله في احتجاجه : « الكافر نجس فعند ملاقاته حيّا يجب نزح البئر أجمع ، والموت لا يطهّر فلا يزول وجوب نزح الماء » ـ على ما سبق نقل المحقّق له عنه ـ أنّ مباشرة الكافر حيّا مما لا نصّ فيه ، فيثبت لها حكمه وهو نزح الجميع عنده ، فإذا وقع الكافر حيا ومات في البئر وجب نزح الجميع لصدق المباشرة حيّا ، والموت بعده لا يصلح مزيلا له ؛ لأنّه غير مطهّر.
وهذا المعنى هو الذي فهمه المحقّق منه أيضا ، حيث ناقشه : بأنّ الدليل لمّا كان عامّا دلّ على الاكتفاء بالسبعين لمباشرة الكافر حيّا وميّتا ؛ إذ الموت في البئر يتضمّن المباشرة في حال الحياة ، فيعلم الاكتفاء بها المباشرة وحدها حيث يخرج حيّا بطريق أولى.
وبالجملة فمن تأمّل كلامهما لم يرتب في أنّ المراد ما قلناه. وبذلك يظهر : أنّ ما فهمه بعض الأصحاب من كلام ابن ادريس ـ كما حكيناه ، وجوابهم عنه
__________________
(١) مختلف الشيعة ١ : ١٩٥.