هو الوقوع حيّا ، والموت في البئر. والرواية صريحة في ذلك أيضا. وقد ظنّ جمع من الأصحاب أنّ موضع النزاع هو الوقوع ميّتا فرجّحوا فيه التسوية ، ثمّ ذكروا وقوعه حيّا وموته ، وحكموا فيه بالفرق ، واستندوا في الحكم الأوّل إلى العموم ، واحتجّوا للثاني بأن مباشرة الكافر حيّا سبب في نجاسة الماء ، وملاقاته ميّتا سبب آخر فثبت لكلّ حكمه.
وأنت تعلم أنّ العموم الذي تمسّكوا به في المسألة الاولى لو تمّ فإنّما يدلّ على الثانية ، فلا وجه للاحتجاج به أوّلا والمصير إلى خلافه ثانيا.
ثمّ إنّهم توهّموا أنّ حاصل احتجاج ابن إدريس يرجع إلى أنّ وجوب نزح الجميع لوقوعه حيّا ـ باعتبار عدم النصّ ـ يقتضي وجوبه مع الوقوع ميّتا بطريق أولى لزيادة نجاسته بالموت.
فأجابوا عنه بمنع بقاء النجاسة بعد الموت ؛ لأنّها مسبّبة عن الاعتقاد ، وقد زال.
وردّ هذا الجواب بعضهم بأنّ أحكام الكفر باقية بعد الموت ، ومن ثمّ لا يغسّل ، ولا يدفن في مقابر المسلمين. وجعل التحقيق في الجواب أنّه استدلال في مقابلة النّص. وقد عرفت أنّه لا نصّ في صورة الوقوع ميّتا ، فهذا الجواب مردود أيضا.
وأمّا ما ذكروه في ردّ الجواب الأوّل فمقبول. ومنه يعلم عدم الفرق بين المسألتين ؛ لاجتماع الحيثيّتين في كلّ منهما ، أعني نجاسة الموت ونجاسة الكفر. فإن كان عموم النّص يتناولهما ـ كما زعموا ـ فالمتّجه الاكتفاء في المسألتين بنزح السبعين. وإن كان مخصوصا بحيثيّة الموت ـ على ما هو التحقيق ـ فكذلك بالنظر إليها ، ويكون حكم نجاسة الكفر فيهما مسكوتا عنه فيلحق بما لا نصّ فيه.
ولقد أغرب العلّامة في المختلف هاهنا حيث منع بقاء نجاسة الكافر بعد الموت ، وحكم بوجوب نزح السبعين بناء على القول بالتنجيس لوقوعه ميّتا