عن الأمرين؟ ولو تمّ ما ذكروه لاقتضى الاكتفاء وهم لا يقولون به.
وبالجملة ، فالكفر أمر عرضي للإنسان كملاقاة النجاسة ، ولكلّ منهما تأثير في بدنه بالتنجيس ، لكنّ الأوّل يشمل ، والثاني يختص بما يلاقيه ، فكما أنّ العموم غير متناول لنجاسة الملاقاة ، لا يتناول نجاسة الكفر.
وبهذا يظهر أنّ المعارضة في محلّها ؛ إذ حاصلها : أن الحيثيّة متبادرة من اللفظ ولذلك فرّقوا بين المسلم والكافر في مسألة الجنب ، فينبغي مثل ذلك هنا.
وقول المحقّق : أنّ الارتماس من الجنابة إنّما يراد للطهارة .. » ضعيف ؛ لخلوّ أكثر الأخبار الواردة في الجنب عن ذكر الاغتسال ، وإنّما ذكر فيها النزول والوقوع.
وقوله : « فإمّا أن يكون هنا دليل .. » قد ظهر جوابه ممّا ذكرناه.
وكذا قوله : « إنّ مقتضى الدليل العمل بالعموم في الموضعين ».
وقوله : « هذا ليس بنقض على مسألتنا بل نقض على استعمال اللام في الاستغراق .. » واه جدا ؛ لأنّ اللازم من عدم عموم لفظ الجنب لنجاسة الكفر عدم تناول الزاني والسارق ونحوهما لغير حيثيّة الزنا والسرقة بحيث يكون الحدّ المذكور لكلّ واحد منهما كافيا عنه وعن غيره ، وهذا ممّا لا ريب فيه ، ونحن لا ندّعي خلافه.
والحاصل : إنّ ملاحظة الحيثيّة ترشدك إلى ردّ كلام المحقّق في هذا المقام من أصله ؛ لابتنائه على إغفالها.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ظاهر كلام المحقّق (١) وابن إدريس (٢) أنّ محلّ الخلاف
__________________
(١) المعتبر ١ : ٦٣.
(٢) السرائر ١ : ٧٣.