وبأنّ معارضته بالجنب غير واردة.
أمّا أوّلا : فلأنّ الارتماس من الجنابة إنّما يراد للطهارة ، فيكون ذلك قرينة دالّة على من له عناية بالطهارة وهو المسلم.
وأمّا ثانيا : فلأنّه إمّا أن يكون هنا دليل يمنع من تنزيل خبر الجنب على الكافر والمسلم أو لا. فإن كان فالامتناع إنّما هو لذلك الدليل. وإن لم يكن قلنا بموجبه سواء كان كافرا أو مسلما ، فإنّا لم نره زاد على الاستبعاد شيئا ، والاستبعاد ليس حجة في بطلان المستبعد.
وأمّا ثالثا : فلأنّ مقتضى الدليل العمل بالعموم في الموضعين ، وامتناعنا من استعمال أحد العمومين في العموم لا يلزم منه اطراح العموم الآخر ؛ لأنّا نتوهّم لأحد العمومين مخصّصا ، فالتوقّف عنه إنّما هو لهذا الوهم ، فإن صحّ ، وإلّا قلنا به مطلقا ، فالإلزام غير وارد. ثمّ هذا ليس بنقض على مسألتنا بل نقض على استعمال اللام في الاستغراق أين كان. فيلزم أن لا ينزّل قوله تعالى ( الزّانِيَةُ وَالزّانِي ) على العموم ، ولا قوله ( السّارِقُ وَالسّارِقَةُ ) ، لأنّا لم ننزّل الجنب على العموم (١).
والذي أراه : أنّ هذه المناقشة بأسرها ضعيفة ؛ لأنّ الحيثيّة معتبرة في جميع موجبات النزح ، فمعنى وجوب نزح السبعين لموت الإنسان أنّ نجاسة موته يقتضي ذلك ، فالعموم الواقع فيه إنّما يدلّ على تساوي المسلم والكافر في الاكتفاء لنجاسة موتهما بنزح السبعين ، فإذا انضمّ إلى ذلك جهة اخرى للنجاسة كالكفر ونحوه لم يكن للّفظ دلالة على الاكتفاء به. ألا ترى انه لو كان بدن المسلم متنجّسا بشيء من النجاسات وكانت العين غير موجودة لم يكف نزح المقدّر
__________________
(١) المعتبر ١ : ٦٣ ـ ٦٤.