ـ كما يدلّ عليه قوله : « ولو عدل عنه إلى غيره لكان عدولا عن المجمع على الطهارة به » ـ فهو الحجة ولا حاجة إلى التكلّف الذي ذكره. وإن لم يتحقّق الإجماع الذي ينهض بانفراده حجة لم تكف الاعتبارات التي قرّبها في إثبات الحكم. وقد أنكر حجّيّة مثلها في مواضع ، فقناعته بها هاهنا لا يخلو عن غرابة. هذا.
وقد ذهب الأكثر إلى عدم الفرق في ذلك بين المسلم والكافر ؛ نظرا إلى عموم اللّفظ.
وفرّق ابن إدريس رضوان الله عليه بينهما فأوجب للكافر نزح الجميع ، بناء على وجوبه لما لا نصّ فيه (١) ، ونسبه في الذكرى إلى الشيخ أبي علي أيضا (٢).
وحكى المحقّق في المعتبر عن ابن إدريس الاحتجاج على ما صار إليه ، بأنّ الكافر نجس ، فعند ملاقاته حيّا يجب نزح البئر أجمع ، والموت لا يطهّر ، فلا يزول وجوب نزح الماء.
وأنّه قال : ولو تمسّك بالعموم هنا لكان معارضا بقولهم : « ينزح لارتماس الجنب سبع » ، فإنّه يشترط الإسلام ، إذ لا يقدم أحد من الأصحاب على القول في الجنب بنزح سبع ولو كان كافرا ، وكما اشترط هنا الإسلام فكذا ثمّ.
وناقشه بالمنع من وجوب نزح الجميع لملاقاة الكافر ، فإن تمسّك فيه بعدم الدليل على مقدّر قلنا : الدليل موجود ؛ لأنّ لفظ الإنسان إذا كان متناولا للمسلم والكافر جرى مجرى النطق بهما ، فإذا وجب في موته سبعون لم يجب في مباشرته أكثر ؛ لأن الموت يتضمّن المباشرة ، فيعلم نفي ما زاد من مفهوم النصّ.
__________________
(١) السرائر ١ : ٧٢.
(٢) ذكرى الشيعة : ١٠.