أحدها : أنّه ليس في الحديث إشعار بالكثرة التي هي موضع البحث ، بل ظاهره إرادة القلّة ، وقد قال هو في الاستبصار أنّ هذا الحديث يدلّ على حكم القليل ؛ لأنّ قوله : « قطرات » يستفاد منه القلّة (١).
الثاني : أنّه مبنيّ على كون الدّلاء جمع قلّة ، كما يدلّ عليه قوله : « وأكثر عدد » ، وليس الأمر كذلك الانحصار جموع القلّة في أوزان أربعة مشهورة أو خمسة ، عند بعضهم ، وليس هو منها ، فيكون من جموع الكثرة. وقد ذكر في الاستبصار أنّه جمع كثرة يدلّ على ما فوق العشرة ـ في البحث عمّا يجب لموت الكلب ونحوه ـ وسيأتي (٢).
والثالث : أنّ حمل الدّلاء على جمع القلّة يقتضي الاجتزاء بأقلّ مدلولاته وهو الثلاثة ؛ لأنّ اطلاق اللفظ يدلّ على أنّ المطلوب تحصيل الماهيّة بأيّ فرد اتّفق ، مما يتحقّق معه ، فإذا حصلت بالأقلّ كان الزائد منفيّا بالأصل ، فمن أين يجب الحمل على الأكثر؟! وبما ذكرناه يعلم فساد التعليل بأنّه لا دليل على ما دونه.
واعلم أنّ المحقّق اعترض في المعتبر ـ على ما ذكره الشيخ ـ بأنّا نسلّم أنّ أكثر عدد يضاف إلى الجمع عشرة ، لكن لا نسلّم أنّه إذا جرّد عن الإضافة يكون حاله كذلك ، فإنّه لا يعلم من قوله : « عندي دراهم » أنّه لم يخبر عن زيادة عن عشرة ، ولا إذا قال : « أعطه دراهم » أنّه لم يرد أكثر من عشرة ؛ فإنّ دعوى ذلك باطلة (٣).
__________________
(١) الاستبصار ١ : ٤٤.
(٢) الاستبصار ١ : ٣٧.
(٣) المعتبر ١ : ٦٦.