وقال المفيد في المقنعة : وإن كان الدم قليلا نزح منها خمس دلاء (١).
وكأنّ استناد الشيخ فيما قاله إلى صحيحة محمّد بن إسماعيل بن بزيع السابقة في حكم الدم الكثير ، حيث قال في الاستبصار : إنّها ظاهرة في القليل كما حكيناه هناك عنه (٢) ، خلافا لما قرّره في التهذيب (٣). ولا بدّ من ضميمة التقريب الذي ذكره فيه لدلالة لفظ الدلاء فيها على العشر حتّى يتمّ الاستدلال. وقد عرفت أنّه غير تامّ ، وأنّ ما قرّب به الدلالة بعيد ضعيف.
والحقّ ما ذكره الصدوق في من لا يحضره الفقيه ؛ فإنّه مفاد الرواية ومآله إلى الاكتفاء بأقلّ ما يصدق معه مفهوم الجمع ، وهو الثلاثة وإن كان لفظ الدلاء على وزان جموع الكثرة ؛ فإنّ التفرقة بين الأمرين غير معتبرة في العرف المستمرّ لو ثبت كون الصّيغ حقايق فيها لغة.
ويؤيّد ذلك ما رواه علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه أبي الحسن موسى عليهالسلام قال : « سألته عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقعت في بئر ، هل يصلح أن يتوضّأ منها؟ قال : « ينزح منها دلاء يسيرة ، ثمّ يتوضّأ منها » ، وسألته عن رجل يستقي من بئر فرعف فيها هل يتوضّأ منها؟ قال : ينزح منها دلاء يسيرة » (٤).
وظاهر المحقّق في المعتبر المصير إلى هذا القول (٥). واختاره العلّامة في
__________________
(١) المقنعة : ٦٧.
(٢) الاستبصار ١ : ٤٤ ، الحديث ١٢٤.
(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥.
(٤) تهذيب الأحكام ١ : ٤٠٩ ، الحديث ١٢٨٨.
(٥) المعتبر ١ : ٦٥.