ثمّ استعاد الصفويون سيطرتهم على العراق من جديد عام ٩٣٧ ه بعد وفاة الشاه إسماعيل مؤسّس الدولة الصفوية. ثمّ استرجع آل عثمان سيطرتهم على العراق من جديد عام ٩٤١ ه.
وخلال هذا الصراع كان كلّ من الطرفين المتنافسين والمتقاتلين يحاول أن يكسب لموقفه في هذه المعركة الضارية غطاء شرعيا يمكنه من تحشيد المقاتلين إلى جانبه.
أمّا آل عثمان فكان عنوان الخلافة الإسلامية يدعمهم في هذه المعركة إلى حدّ بعيد ، بالإضافة إلى الارتباط التأريخي للمؤسسة الفقهية السنّية بالمؤسسة السياسية.
أمّا الدولة الصفوية فكانت تواجه مشاكل حقيقية في هذا الجانب وكان عليها أن تعمل لكسب موقف فقهاء الشيعة إلى جانبها وتأييدهم لها.
على أنّ هذه الدولة الفتيّة كانت بحاجة إلى حضور فاعل لفقهاء الشيعة معها لتستطيع أن تؤدّي رسالتها في تكريس مذهب أهل البيت عليهمالسلام وفقههم وإدارة شئون الدولة على منهاج أهل البيت الفقهي ، وقد كان بعض ملوك الصفويين كالشاه إسماعيل وابنه طهماسب صادقين في محاولة تكريس المذهب الفقهي لأهل البيت في الدولة الصفوية وتمشية نظام الحكم الصفوي على منهاج فقه أهل البيت ، وكانوا يحاولون الإفادة من فقهاء الشيعة في هذا المجال وتمكينهم من الدولة بالمقدار الذي لا يزاحمهم في حقّ اتّخاذ القرار السياسي بشؤون الدولة.
وكان هذا هو أحد العاملين الرئيسين لقدوم فقهاء الشيعة من جبل عامل من بلاد الشام إلى إيران ، وقد أشرنا إلى ذلك من قبل ، فقد كانت الدولة الشيعية الفتية بحاجة حقيقية وماسّة إلى استقدام الفقهاء من جبل عامل لما تتمتّع به هذه المنطقة الجبلية من الشام من مدارس علمية وتراث فقهي وثروة علمية كبيرة.