والعامل الثاني لهجرة فقهاء جبل عامل إلى إيران هو الاضطهاد الطائفي الذي كان يمارسه حكّام آل عثمان ضدّ الشيعية عموما وضدّ فقهاء الشيعة على الخصوص. فقد سقطت الشام بيد آل عثمان عام ٩٢٣ ه ، وقضى العثمانيون على نفوذ المماليك قضاء تاما ، واستمرّت بلاد الشام تحت النفوذ العثماني حتّى سقوط الدولة العثمانية.
ورغم الاضطهاد الطائفي الذي كان يمارسه المماليك ضدّ فقهاء الشيعة في الشام ، فقد كان فقهاء الشيعة يتمتّعون بحرّية نسبية في منطقة جبل عامل في ممارسة نشاطهم الثقافي والديني عند ما كان هذا النشاط لا يضرّ بمصالح الدولة.
فلمّا حلّ آل عثمان محلّ المماليك سلبوا من فقهاء الشيعة حتّى هذه المساحة المحدودة من حقّ النشاط العلمي ، وضيّقوا عليهم سبل العمل والحركة من كلّ جانب.
فقد قام السلطان سليم الأوّل بأوسع مذبحة للشيعة في بلاد الأناضول والشرائط الساحلي للبحر الأبيض المتوسّط ، ويقدّر المؤرّخون قتلى الشيعة في هذه المذبحة سبعين ألفا.
وقتل عمّال آل عثمان الفقيه زين الدين العاملي ( الشهيد الثاني ) رحمهالله رغم المرونة المذهبية التي كان يمارسها هذا الفقيه الجليل ، فقد كان على صلة وثيقة بالمراكز العلمية السنّية ، وكسب تأييد الاستانة في أن يتولّى المدرسة العلمية النورية في بعلبك ، ولم يستجب لدعوة الصفويين في الهجرة إلى إيران ، رغم ذلك كلّه لم يسلم هذا الفقيه الجليل من سيف الاضطهاد الطائفي ، وقتل على ساحل البحر بطريقة مشجية.
وبسبب هذين العاملين استجاب فقهاء جبل عامل إلى دعوة الصفويين للقدوم إلى إيران ، فقدم من جبل عامل إلى أصفهان جمع كبير من خيار وكبار