فقهاء جبل عامل.
وكان المحقّق الكركي الشيخ نور الدين علي بن الحسين بن عبد العالي الشهير بـ ( المحقّق الثاني ) هو أوّل فقيه من جبل عامل يستجيب لدعوة الصفويين.
التقى المحقّق الكركي بالشاه إسماعيل الصفوي في ( هرات ) عند ما فتح الملك الصفوي هرات في قمة مجده العسكري وانتصاراته وبارك له هذا النصر ، واستقبل الملك المنتصر المحقّق الثاني في نشوة فتوحاته العسكرية باحترام وتقدير كبيرين ، وطلب منه أن ينتقل معه إلى إيران ويتولّى شئون الدولة الشرعية والفقهية بموجب مذهب أهل البيت.
وفي بداية هذا اللقاء لم يخف المحقّق الكركي استياءه من بطش الصفويين بالسنّة في مدينة هرات بعد فتحها والقضاء على دولة الأزبك ، وقد بلغه أنّ الجيش الصفوي قد قتل شيخ الإسلام في هرات سعد الدين التفتازاني صاحب كتاب ( المطوّل في البلاغة ) فقال للملك : ـ وهو يريد أن ينبّهه إلى خطئه في الاضطهاد الطائفي والفتك بمن يخالفهم في المذهب ـ لو لم يقتل لأمكن أن يتمّ عليه بالحجج والبراهين حقيقة مذهب الإمامية ويذعن بإلزامه جميع بلاد ما وراء النهر وخراسان (١).
انتقل المحقق الكركي إلى إيران بصحبة الشاه واستغلّ هذه الفرصة أفضل استغلال ، ونشط في تكريس ونشر فقه أهل البيت عليهمالسلام في إيران ، وتولّى تعيين العلماء وأئمة الجماعة والقضاة في أطراف البلاد بصورة منظّمة.
وإذا صحّ أنّ الشهيد الأوّل محمد بن مكي رحمهالله كان أوّل من مارس تنظيم ارتباط العلماء بالمرجعية وجباية الحقوق الشرعية بصورة منظّمة ، فقد كان
__________________
(١) مستدرك وسائل الشيعة ٣ : ٤٣٢.