وقال ابن إدريس : « ينزح له أربعون » (١).
حجّة الأوّل رواية أبي مريم السابقة فيما ينزح لموت الكلب حيث قال فيها : « وقال جعفر : إذا وقع فيها ثمّ اخرج منها حيّا ينزح منها سبع دلاء » (٢).
وطريق هذه الرواية صحيح إلى أبي مريم ؛ وأمّا هو فلم أر توثيقه إلّا في كتاب النجاشي (٣) ، وتبعه العلّامة في الخلاصة (٤). وهو ممّن يرى الاكتفاء بتعديل الواحد ، فلا يعتبر تزكيته عند من يشترط التعدّد. وحينئذ ينحصر طريق تعديل هذا الرجل في شهادة النجاشي ، وذلك غير كاف بمجرّده ، كما مرّ.
وحجّة ابن إدريس أنّ هذه الرواية خبر واحد ، فلا تصلح دليلا. واللازم من ذلك خلوّه عن الدليل ، فيلحق بغير المنصوص ، ويجب له نزح الجميع عنده على ما يأتي. لكن لما دلّ الدليل على الاكتفاء لموته بالأربعين وعدم وجوب الزيادة عليها حينئذ كان حال الخروج حيّا أولى بنفي الزائد ؛ إذ نجاسته في حال الموت أقوى منها في حال الحياة ، فنفي الزيادة مع النجاسة القويّة يقتضي انتفائها مع الضعيفة بطريق أولى.
وهذه الحجّة جيّدة على أصل ابن إدريس في ترك العمل بخبر الواحد.
وقد تعرّض لها بالمناقشة العلّامة في المختلف ، فمنع عدم أولويّة الحيّ ( يعني بالنجاسة ). ووجّهه بأنّ الأحكام الشرعيّة تتبع الاسم ، ولهذا أوجب في
__________________
(١) السرائر ١ : ٧٧.
(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ، الحديث ٦٨٧.
(٣) رجال النجاشي : ٢٤٦ ، الرقم ٦٤٩.
(٤) خلاصة الأقوال ١ : ١١٧ ، وهو عبد الغفّار بن القاسم بن قيس بن قيس بن فهد أبو مريم الأنصاري روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام.