وقد سأله عن البئر يكون في المنزل للوضوء فيقطر فيها قطرات من بول أو دم ، أو يسقط فيها شيء من العذرة كالبعرة أو نحوها. ما الذي يطهّرها حتّى يحلّ الوضوء منها للصلاة؟ فوقّع عليهالسلام في كتابي بخطّه : « ينزح منها دلاء » (١).
وقال : « والاحتجاج به بعيد لعدم دلالته على التقدير ، وإنّما يستدلّ به على أنّه لا يجزي أقلّ من خمسة من حيث أنّه جمع كثرة » (٢). هذا.
وكلا الكلامين لا يخلو من نظر :
أمّا كلام المحقّق فلأنّ لفظ العذرة مخصوص بفضلة الإنسان ، كما نصّ عليه أهل اللغة ، ومع ذلك فقد بيّنّا ضعف الرواية الواردة في حكم العذرة.
وخبر المبخرة الذي احتمل نزح الثلاثين له هو خبر كردويه السابق فيما ينزح لماء المطر المصاحب للنجاسات المخصوصة (٣) ، وقد علمت عدم نهوضه بإثبات الحكم لعدم صحّة إسناده.
وأمّا كلام العلّامة رحمهالله فلابتناء احتجاجه على عموم لفظ العذرة أيضا ، وهو خاصّ كما ذكرنا ، ولأنّه موقوف على ثبوت كون جموع الكثرة حقايق فيها وليس بمعلوم كما أشرنا إليه آنفا. وقد توقّف في ذلك هو في المنتهى (٤). وعلى تقدير ثبوت كونها حقايق بالنظر إلى اللغة فالاستعمال العرفي مستمرّ على خلافه.
ثمّ إنّ اللازم من احتجاجه هذا تقدير ما ينزح لذلك بما زاد على العشر.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١ : ٢٤٤ ، الحديث ٧٠٥ ، مع اختلاف غير يسير.
(٢) مختلف الشيعة ١ : ٢١٥.
(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٤١٣ ، الحديث ١٣٠٠.
(٤) منتهى المطلب ١ : ٩٤.