أمّا لو القي الدلو الأخير بعد انفصاله عنها فالوجه دخوله تحت النجاسة التي لم يرد فيها نصّ » (١).
وفي ما ذكره من الفرق بين انصباب الأخير وغيره إشكال ؛ لأنّ المقتضي لإلحاق الأخير بما لا نصّ فيه كونه ماء نجسا لاقى البئر فانفعل عنه كغيره من أنواع المنجّسات ولم يرد له مقدّر ، فيكون من أفراد غير المنصوص. وهذا بعينه جار في الأوّل والأوسط.
وكون البئر نجسا فيهما طاهرا في الأخير لا يصلح فارقا ؛ لأنّهم لا يرتابون في أنّ ثبوت الانفعال بنوع من أسبابه لا يمنع من تأثير سبب آخر فيه ، حتّى القائلين بالتداخل عند التعدّد فإنّهم أوجبوا نزح الأكثر.
ولو كان سبق الانفعال مانعا من تأثير السبب الثاني لاقتصروا على منزوح الأوّل.
وبهذا يظهر ضعف التمسّك في نفي وجوب الزائد على العدد بالأصل ، وأنّ ادّعاء عدم زيادة النجاسة بالنزح والإلقاء ـ بعد القول بحدوثها إذا وقع الأخير ـ في حيّز المنع.
وقد سوّى الشهيد رحمهالله بين الجميع في عدم وجوب شيء سوى إعادة مثل الواقع ، فقال في الذكرى : لو انصبّ الدلو بأسره اعيد مثله في الأصحّ وإن كان الأخير للأصل. وفي البيان نحوه (٢).
وقد تبيّن بما قرّرناه ضعفه.
وينبغي أن يعلم أنّ مدار الحكم هنا على انصباب ما يزيد عن القدر المعتاد
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ١٠٨.
(٢) ذكرى الشيعة : ١٠. البيان : ١٠١.