قال : ولا يلزمنا مثل ذلك إذا ورد عليه كرّ من ماء ؛ لأنّ ذلك معلوم أنّه يطهر به ، لأنّه إذا بلغ كرّا فلو وقع فيه عين النجاسة لم ينجس إلّا أن يتغيّر أحد أوصاف الماء ، والماء النجس ليس بأكثر من عين النجاسة. فأمّا نبعه من الأرض فإنّ ذلك يعتبر في الآبار ولها حكم يخصّها. هذا كلامه (١).
ولا يخفى أنّه بعد إرادة البئر من النابع يتّجه كلام المحقّق حيث إنّه يقول بانفعاله بالملاقاة (٢) ، ويشكل كلام العلّامة ؛ لأنّه لا يقول به (٣).
والتشبّث بجهة اشتراط الكرّيّة إنّما يتوجّه مع ظهور كون المفروض ناقصا عنها وليس بظاهر. وما ذكر من القرينة عليه ضعيف الدلالة.
وقد كان الأولى مع البناء على هذا تفصيل المسألة وترك الإجمال الواقع فيها.
على أنّ له في النهاية كلاما يؤذن بعدم البناء في هذا الحكم على الجهة المذكورة حيث قال : « لو نبع من تحته ـ يعني القليل النجس ـ فإن كان على التدريج لم يطهر ، وإلّا طهر (٤). وأطلق الحكم بعدم الطهارة بذلك في القواعد والتحرير (٥).
وبالجملة : ففرضه في هذا المقام بعيد عن التحرير.
وفي الذكرى : لو نبع الكثير من تحته كالفوّارة فامتزج طهّره لصيرورتهما
__________________
(١) الخلاف ١ : ١٩٤.
(٢) المعتبر ١ : ٥٤.
(٣) تذكرة الفقهاء ١ : ٢٥.
(٤) نهاية الإحكام ١ : ٢٥٧.
(٥) قواعد الأحكام ١ : ١٨٦. وتحرير الأحكام ١ : ٤.