نجاسة لكانت تقديريّة. وبأنّه لو اغتسل في كرّ لما بقي انفعاله لعدمه فكذا المجتمع.
لا يقال : يرد ذلك في النجاسة العينيّة.
لأنّا نقول : إنّما حكمنا بعدم الزوال هناك لارتفاع قوّة الطهارة بخلاف المتنازع (١).
واحتجّ المحقّق في المعتبر : بأنّ ثبوت المنع معلوم شرعا ، فيقف ارتفاعه على وجود الدلالة.
قال : وما يدّعى من قول الأئمّة عليهمالسلام : « إذا بلغ الماء كرّا لم يحمل خبثا » لم نعرفه ولا نقلناه عنهم. ونحن نطالب المدّعي نقل هذا اللفظ بالإسناد إليهم.
وأمّا قولهم عليهمالسلام : « إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » فإنّه لا يتناول موضع النزاع ، ولأنّ هذا الماء عندنا ليس بنجس ، فلو بلغ كرّا ثمّ وقعت فيه نجاسة لم تنجّسه.
نعم لا يرتفع ما كان فيه من المنع. وجعل الشيخ في الخلاف منشأ التردّد من أنّه يثبت فيه المنع قبل أن يبلغ كرّا فيحتاج في جواز استعماله بعد بلوغه إلى دليل. ومن دلالة ظاهر الآيات والأخبار على طهارة الماء ، خرج منه الناقص عن الكرّ بدليل ، فيبقى ما عداه. وقولهم عليهمالسلام : « إذا بلغ الماء كرّا لم يحمل خبثا » (٢).
وأنت إذا تأمّلت كلام الجماعة رأيت التحقيق في كلام المحقّق واستبان لك ضعف ما سواه.
والعجب أنّ الشيخ احتجّ في الخلاف على عدم زوال النجاسة في المجتمع
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ١٣٨.
(٢) المعتبر ١ : ٨٩.