الله صلىاللهعليهوآله : الماء الذي تسخّنه الشمس لا توضّئوا به ، ولا تغتسلوا به ، ولا تعجنوا به ؛ فإنّه يورث البرص » (١).
وإنّما حمل النهي في الروايتين على الكراهة مع أنّه حقيقة في التحريم لوجهين.
أحدهما : مراعاة الجمع بينهما وبين ما رواه الشيخ عن محمّد بن سنان قال : حدّثني بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « لا بأس بأن يتوضّأ بالماء الذي يوضع في الشمس » (٢).
والثاني : إنّ العلّة المذكورة للنهي راجعة إلى المصلحة الدنيويّة وذلك قرينة كون النهي للإرشاد على حدّ قوله تعالى ( وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ ) (٣).
واعترض : بأنّ العود إلى المصلحة الدنيويّة لا يدلّ على عدم كون النهي للتحريم ، كيف! ووجوب دفع الضرر ممّا لا ريب فيه.
واجيب : بأنّ دفع الضرر إنّما يجب مع العلم أو الظنّ وهما منتفيان ، والقدر الثابت هنا إنّما هو الإمكان.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ظاهر الخبر الأوّل يوافق ما ذكره الشيخ في الخلاف من اشتراط الحكم بالقصد (٤) ، ولكنّ الخبر الثاني عامّ وليس بينهما منافاة تدعو إلى الجمع بحمل العام على الخاص ، فيتّجه عدم الفرق لو كانت الروايات ناهضة بإثبات الحكم ؛ فإنّها بأجمعها ضعيفة السند وضميمة الإجماع المحكي إليها إنّما يفيد بالنظر إلى الخاص إذ لم ينقل الإجماع إلّا عليه ، كما
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٥ ، الحديث ٥.
(٢) الاستبصار ١ : ٣٠ ، الحديث ٧٨.
(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٨١.
(٤) الخلاف ١ : ٥٤.