هاهنا نظر ؛ إذ العمدة في إثبات المنع المذكور بطريق العموم على الإجماع ومن البيّن أنّ الاتّفاق إنّما وقع على منع استصحاب النجس قبل الغسل في الجملة لا مطلقا فتأمّل.
الرابع : إنّها طهارة تراد لأجل الصلاة فلا يجوز إلّا بالماء كطهارة الحدث ، بل اشتراط الماء هنا أولى لأنّ اشتراطه في النجاسة الحكميّة يعطي أولويّة اشتراطه في النجاسة الحقيقيّة.
واعترض : بأنّه قياس.
وأجاب العلّامة : بمنع كونه قياسا ، وإنّما هو استدلال بالاقتضاء ، فإنّ التنصيص على الأضعف يقتضي أولويّة ثبوت الحكم في الأقوى ، كما في دلالة تحريم التأفيف على تحريم الضرب (١).
وليس هذا الجواب بشيء ؛ فإنّ دعوى كونه من باب الاقتضاء يعني : مفهوم الموافقة موقوفة على تحقّق الأولويّة بين المنطوق والمفهوم كالمثال الذي ذكره ، ولا ريب في انتفاء ذلك هنا ؛ فإنّ كون النجاسة الحكميّة أضعف من العينيّة في حيّز المنع. كيف! والحكميّة لا ترتفع عندهم إلّا بالنيّة. ويعتبر في صدورها وتعلّقها ما لا يعتبر في العينيّة.
وبالجملة فلا خفاء في اشتراط مفهوم الموافقة بالعلم بالعلّة وظهور كونها في المسكوت عنه أقوى ، كما في مثال التأفيف. وادّعاء مثله في موضع النزاع مجازفة ظاهرة.
الخامس : قوله تعالى ( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ) (٢).
__________________
(١) مختلف الشيعة ١ : ٢٢٤.
(٢) الأنفال : ١١.