«وا ثكلاه! وا حزناه! ليت الموت اعدمني الحياة ، يا حسيناه ، يا سيداه ، يا بقية اهل بيتاه ، استسلمت ، ويئست من الحياة ، اليوم مات جدي رسول اللّه (ص) وأمي فاطمة الزهراء وأبي علي واخي الحسن ، يا بقية الماضين وثمال الباقين» (١).
فقال الامام لها بحنان :
«يا أخية لا يذهبن بحلمك الشيطان»
وانبرت العقيلة الى أخيها وهي شاحبة اللون قد مزق الأسى قلبها الرقيق المعذب فقالت له باسى والتياع :
«أتغتصب نفسك اغتصابا ، فذاك اطول لحزني واشجى لقلبي»
ولم تملك صبرها بعد ما ايقنت أن شقيقها مقتول ، فعمدت إلى جيبها فشقته ، ولطمت وجهها ، وخرت على الارض فاقدة لوعيها (٢) وشاركتها النسوة في المحنة القاسية ، وصاحت السيدة أمّ كلثوم.
«وا محمداه ، وا علياه ، وا أماه ، وا حسيناه ، وا ضيعتنا بعدك»
وأثر المنظر الرهيب في نفس الامام فذاب قلبه الزاكي أسى وحسرات وتقدم إلى السيدات من بنات الوحي فجعل يأمرهن بالخلود إلى الصبر والتحمل لاعباء هذه المحنة الكبرى قائلا :
«يا اختاه ، يا أم كلثوم ، يا فاطمة ، يا رباب ، انظرن اذا قتلت فلا تشققن علي جيبا ولا تخمشن وجها ، ولا تقلن هجرا» (٣).
__________________
(١) مقاتل الطالبيين (ص ١١٣)
(٢) انساب الأشراف ق ١ ج ١ ، المنتظم ٥ / ١٧٩ ، البداية والنهاية ٨ / ١٧٧ ، السيدة زينب واخبار الزينبيات (ص ٢٠ ـ ٢١)
(٣) تأريخ الطبري ٦ / ٢٤٠ ، انساب الأشراف ق ١ ج ١