صلاة الخوف (١) وكانت صلاته في تلك اللحظات الرهيبة من اصدق مظاهر الاخلاص والطاعة للّه ، وانبرى امام الحسين سعيد بن عبد اللّه الحنفي يقيه بنفسه السهام والرماح التي تواجهه من معسكر الأعداء الذين خاسوا ما عاهدوا الامام عليه من ايقاف عمليات الحرب حتى يؤدي فريضة اللّه فقد اغتنموا الفرصة فراحوا يرشقون الامام واصحابه بسهامهم ، وكان سعيد الحنفي فيما يقول المؤرخون ـ يبادر نحو السهام فيتقيها بصدره ونحره ، ووقف ثابتا كأنه الجبل ألم تزحزحه السهام التي اتخذته هدفا لها ، ولم يكد يفرغ الامام من صلاته حتى اثخن بالجراح فهوى إلى الأرض يتخبط بدمه ، وهو يقول بنبرات خافتة :
«اللهم العنهم لعن عاد وثمود ، وابلغ نبيك مني السلام ، وابلغه ما لقيت من ألم الجراح فاني أردت بذلك ثوابك ونصرة ذرية نبيك».
والتفت الى الامام ليرى هل أدى حقه ووفى له بعهده قائلا :
«أوفيت يا ابن رسول اللّه (ص)؟»
فأجابه الامام شاكرا له :
«نعم أنت امامي في الجنة»
واترعت نفسه بالرضا والمسرات حينما سمع قول الامام ثم فاضت نفسه الزكية إلى بارئها ، وقد تخرق جسده من السهام والرماح فقد اصيب بثلاثة عشر سهما عدا الضرب والطعن (٢) لقد كان حقا هذا هو الوفاء الذي لا يبلغه وصف ولا اطراء.
__________________
(١) انساب الأشراف ق ١ ج ١
(٢) مقتل الحسين للمقرم (ص ٢٩٧)