يديه فقال له الامام :
«يا جون انما تبعتنا طلبا للعافية فأنت في اذن مني»
وهوى جون على قدمي الامام يوسعهما تقبيلا ودموعه تتبلور على خديه وهو يقول :
«أنا في الرخاء الحسن قصاعكم وفي الشدة اخذلكم ، ان ريحي لنتن وحسبي للئيم ، ولوني لأسود فتنفس علي بالجنة ليطيب ريحي ويشرف حسبي ، ويبيض لوني لا واللّه لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم ..» (١).
أية عظمة عبرت عنها هذه الكلمات المشرقة؟ واي شرف انطوت عليه نفسه؟ .. ان لونه الأسود لأشرق وانضر من الوان اولئك العبيد وهو الحر بما يحمل من سمو النفس ، وشرف الذات ، وان ريحه لأطيب من ريحهم ، وان حسبه هو الحسب الوضاح ، وان اهل الكوفة هم المغمورون فى احسابهم فقد تنكروا لانسانيتهم ، وصاروا وصمة عار وخزي على البشرية بأسرها.
لقد حفل كلام جون بمنطق الأحرار فانه ليس من الانسانية في شيء أن ينعم في ظلال الامام أيام الرخاء ، ويخذله امام هذه المحنة القاسية ، لقد كان الوفاء من العناصر المميزة لكل فرد من أصحاب الامام أبي عبد اللّه على بقية شهداء العالم.
وأذن له الامام فبرز مزهوا وهو يرتجز :
كيف ترى الفجار ضرب الأسود |
|
بالمشرفي القاطع المهند |
بالسيف صلنا عن بني محمد |
|
أذب عنهم باللسان واليد |
__________________
(١) مثير الاحزان لابن نما (ص ٢٣)