الخلافة وزهد في الحكم ، وقد خطب في اهل الشام فندد في جده وأبيه وقال :
«الا ان جدى معاوية نازع الأمر من كان اولى به منه لقرابته من رسول اللّه (ص) وقديمه وسابقته اعظم المهاجرين قدرا ، واولهم ايمانا ابن عم رسول اللّه (ص) وزوج ابنته جعله لها بعلا باختياره لها ، وجعلها له زوجة باختيارها له فهما بقية رسول اللّه (ص) خاتم النبيين ، فركب جدي منه ما تعلمون ، وركبتم معه ما لا تجهلون (١) حتى اتته منيته فصار في قبره رهينا بذنوبه واسيرا بجرمه ثم قلد أبي الأمر فكان غير أهل لذلك ، وركب هواه واخلفه الأمل وقصر عنه الاجل وصار في قبره رهينا بذنوبه واسيرا بجرمه ثم بكى وقال : إن من اعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه ، وبئس منقلبه ، وقد قتل عترة رسول اللّه (ص) واباح الحرم وخرب الكعبة» (٢).
وتهدم ملك آل أبي سفيان على يد معاوية بن يزيد ، وما كان ينشده جده من استقرار الملك ودوامه في بيته ، فقد نسف قتل الحسين جميع ما بناه معاوية واسسه يزيد ، فقد احل ملكهم دار البوار ويقول المؤرخون :
إن بني أمية قد قامت قيامتهم على أثر خطاب معاوية الذي فضح فيه جده وأباه فعمدوا إلى مؤدبه عمر القصوص فقالوا له : أنت علمته هذا ، ولقّنته اياه وصددته عن الخلافة وزينت له حب علي وأولاده ، وحملته على ما وسمنا به من الظلم ، وحسنت له البدع حتى نطق بما نطق ، وقال : بما قال :
فانكر عمر ذلك ، وقال : واللّه ما فعلته ولكنه مجبول ومطبوع على حب علي ، فلم يقبلوا ذلك منه واخذوه فدفنوه حيا (٣).
__________________
(١) جواهر المطالب في مناقب الامام علي بن ابي طالب (ص ١٣٣)
(٢) النجوم الزاهرة ١ / ١٦٤
(٣) حياة الحيوان للدميرى ١ / ٧٣