أف لهذه الدنيا ، وبعدا لهذه الحياة مثل ابن رسول اللّه (ص) وريحانته تضيق عليه الدنيا ، وتتقاذفه أمواج من الهموم فلا يدري إلى أين مسراه ومولجه ، فقد وافته الأنباء أن الطاغية يزيد قد عهد إلى شرطته باغتياله ، ولو كان متعلقا باستار الكعبة.
لقد أيقن سبط رسول اللّه (ص) أن يزيد لا يتركه وشأنه ، ولا بد أن يسفك دمه وينتهك حرمته وقد أدلى بذلك في كثير من المواطن ، وكان منها :
١ ـ ما رواه جعفر بن سليمان الضبعي انه (ع) قال : «واللّه لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة ـ وأشار إلى قلبه الشريف ـ من جوفي فاذا فعلوا ذلك سلط اللّه عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فرم (١) الأمة.» (٢).
٢ ـ قال (ع) لأخيه محمد بن الحنفية : «لو دخلت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقتلوني» (٣).
٣ ـ ما رواه معاوية بن قرة قال : قال الحسين : «واللّه ليعتدن علي كما اعتدت بنو اسرائيل في السبت» (٤).
واستولت الحيرة على الامام واحاطت به موجات من الأسى والشجون وتلبد أمامه الجو بالمشاكل الرهيبة والأحداث المفزعة فهو إن بقي في مكة يخش من الاغتيال وان ذهب إلى العراق فانه غير مطمئن من أهل الكوفة وانهم سيغدرون به ، وقد أدلى بذلك لبعض من شاهده في الطريق
__________________
(١) فرم الأمة : هي خرقة الحيض التي تلقيها النساء.
(٢) تأريخ ابن كثير ٨ / ١٦٩ ، تأريخ ابن عساكر ١٣ / ٧٣
(٣) البحار
(٤) تأريخ ابن عساكر ١٣ / ٧٣ ، تأريخ ابن كثير ٨ / ١٦٩