وحينما انتهيا إليها ناديا بذلك ، ولأول مرة دوى هذا النداء المؤثر في سماء الكوفة فكان كالصاعقة على رءوس السفكة المجرمين ، كما كان بلسما لقلوب المؤمنين والمسلمين ، وقد التحق قسم كبير من الناس بالنخيلة فخطب فيهم سليمان بن صرد خطابا مؤثرا ، واعرب لهم أنه لا ينشد مغنما أو مكسبا ، وانما يلتمس وجه اللّه والدار الآخرة ، ويرجو أن يكفر اللّه عنه وعن اخوانه ما اقترفوه من عظيم الذنب في خذلانهم لريحانة رسول اللّه (ص).
وصمم التوابون على المضي الى كربلا لزيارة قبر أبي الشهداء (ع) ليعلنوا التوبة الى اللّه عند مرقده.
وسارت كتائب التوابين إلى كربلاء فلما وصلوا إليها صاحوا صيحة واحدة «يا حسين» واغرقوا بالبكاء والنحيب ، واخذوا يتضرعون الى اللّه ليتوب عليهم ، ويغفر لهم ، وقد قالوا عند ضريح الامام :
«اللهم ارحم حسينا الشهيد ابن الشهيد ، المهدي ابن المهدي ، الصديق ابن الصديق.
اللهم انا نشهدك أنا على دينهم وسبيلهم ، وأعداء قاتليهم ، وأولياء محبيهم.
اللهم انا خذلنا ابن بنت نبينا فاغفر لنا ما مضى منا ، وتب علينا فارحم حسينا وأصحابه الشهداء الصديقين ، وانا نشهدك انا على دينهم وعلى ما قتلوا عليه ، وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين» (١).
__________________
(١) تاريخ ابن الأثير ٣ /